للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حوتا «١» في مكتل «٢» فحيث تفقد «٣» الحوت فهو ثمّ «٤» . فانطلق وانطلق معه فتاه، وهو يوشع بن نون.

فحمل موسى عليه السّلام حوتا في مكتل، وانطلق هو وفتاه يمشيان حتّى أتيا الصّخرة فرقد موسى عليه السّلام وفتاه فاضطّرب الحوت في المكتل حتّى خرج من المكتل فسقط في البحر. قال: وأمسك الله عنه جرية الماء حتى كان مثل الطّاق «٥» فكان للحوت سربا. وكان لموسى وفتاه عجبا. فانطلقا بقيّة يومهما وليلتهما. ونسي صاحب موسى أن يخبره. فلمّا أصبح موسى عليه السّلام، قال لفتاه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا «٦» قال: ولم ينصب حتّى جاوز المكان الذي أمر به. قال: أرأيت إذ أوينا إلى الصّخرة فإنّي نسيت الحوت وما أنسانيه إلّا الشّيطان أن أذكره واتّخذ سبيله في البحر عجبا. قال موسى: ذلك ما كنّا نبغ فارتدّا على آثارهما قصصا. قال: يقصّان آثارهما حتّى أتيا الصّخرة فرأيا رجلا مسجّى «٧» عليه بثوب.

فسلّم عليه موسى. فقال له الخضر: أنّى بأرضك السّلام «٨» ؟ قال: أنا موسى. قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم. قال: إنّك على علم من علم الله علّمكه الله لا أعلمه. وأنا على علم من علم الله علّمنيه لا تعلمه. قال له موسى عليه السّلام: هل أتّبعك على أن تعلّمني ممّا علّمت رشدا؟ قال: إنّك لن تستطيع معي صبرا. وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا. قال: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا. قال له الخضر: فإن اتّبعتني فلا تسألني عن شيء حتّى أحدث لك منه ذكرا. قال: نعم. فانطلق الخضر وموسى يمشيان على ساحل البحر. فمرّت بهما سفينة. فكلّماهم أن يحملوهما. فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نول «٩» فعمد الخضر إلى لوح من ألواح السّفينة فنزعه. فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها. لقد جئت شيئا إمرا «١٠» . قال: ألم أقل إنّك لن تستطيع معي صبرا. قال: لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا. ثمّ خرجا من السّفينة. فبينما هما يمشيان على السّاحل إذا غلام يلعب مع الغلمان. فأخذ الخضر برأسه، فاقتلعه بيده، فقتله.

قال موسى: أقتلت نفسا زاكية «١١» بغير نفس؟ لقد جئت شيئا نكرا. قال: ألم أقل لك إنّك لن تستطيع معي صبرا؟. قال: وهذه أشدّ من الأولى. قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من


(١) الحوت: السمكة.
(٢) مكتل: هو القفة أو الزنبيل، وفي لسان العرب: المكتل: الزنبيل الذي يحمل فيه التمر أو العنب إلى الجرين.
(٣) تفقد: أي يذهب منك.
(٤) فهو ثم: أي هناك.
(٥) الطاق: عقد البناء.
(٦) نصبا: النصب: التعب
(٧) مسجى: مغطى.
(٨) أنّى بأرضك السلام؟: أي من أين السلام في هذه الأرض التي لا يعرف فيها السلام.
(٩) بغير نول: بغير أجر
(١٠) إمرا: عظيما
(١١) زاكية: قرىء في السبع: زاكية وزكية: أي طاهرة من الذنوب.