للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنّك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكفّفون النّاس «١» ، وإنّك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلّا أجرت بها حتّى ما تجعل في في امرأتك» .

فقلت: يا رسول الله، أخلّف بعد أصحابي؟. قال:

«إنّك لن تخلّف «٢» فتعمل عملا صالحا إلّا ازددت به درجة ورفعة، ثمّ لعلّك أن تخلّف حتّى ينتفع بك أقوام ويضرّ بك آخرون. اللهمّ أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردّهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة» يرثي له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن مات بمكّة) * «٣» .

٤٧-* (عن عائشة- رضي الله عنها- أنّها قالت: كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم حصير وكان يحجّره «٤» من اللّيل فيصلّي فيه. فجعل النّاس يصلّون بصلاته، ويبسطه بالنّهار، فثابوا «٥» ذات ليلة. فقال: «يا أيّها النّاس عليكم من الأعمال ما تطيقون «٦» فإنّ الله لا يملّ حتّى تملّوا. وإنّ أحبّ الأعمال إلى الله ما دووم عليه «٧» وإن قلّ» . وكان آل محمّد صلّى الله عليه وسلّم إذا عملوا عملا أثبتوه «٨» » ) * «٩» .

٤٨-* (عن معاذ بن جبل- رضي الله عنه- قال: كنت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير. فقلت: يا رسول الله! أخبرني بعمل يدخلني الجنّة ويباعدني من النّار. قال: «لقد سألتني عن عظيم، وإنّه ليسير على من يسّره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت. ثمّ قال: ألا أدلّك على أبواب الخير؟ الصّوم جنّة، والصّدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النّار، وصلاة الرّجل من جوف اللّيل» . قال: ثمّ تلا تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ حتّى بلغ يَعْمَلُونَ (السجدة/ ١٦- ١٧) ، ثمّ قال: «ألا أخبرك برأس الأمر كلّه وعموده وذروة سنامه؟» . قلت: بلى يا رسول الله. قال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصّلاة، وذروة سنامه الجهاد» ... الحديث) * «١٠» .

٤٩-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا حسد إلّا في اثنتين: رجل علّمه الله القرآن فهو يتلوه آناء اللّيل وآناء النّهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل. ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحقّ، فقال رجل: ليتني أوتيت


(١) يتكففون الناس: أي يسألون الناس بمد أكفهم إليهم.
(٢) إنك لن تخلف: المراد بالتخلف طول العمر والبقاء في الحياة بعد أصحابه.
(٣) البخاري- الفتح ٣ (١٢٩٥) واللفظ له، ومسلم (١٦٢٨) .
(٤) يحجره: أي يتخذه حجرة.
(٥) فثابوا: أي اجتمعوا وقيل: رجعوا للصلاة.
(٦) ما تطيقون: أي تطيقون الدوام عليه، بلا ضرر.
(٧) ما دووم عليه: فيه الحث على المداومة على العمل، وإن قليله الدائم خير من كثيره المتقطع.
(٨) أثبتوه: أي لازموه وداوموا عليه.
(٩) مسلم (٧٨٢) ، وهو عند البخاري بغير هذا اللفظ (٦٤٦٤) .
(١٠) الترمذي (٢٦١٦) وقال: حديث حسن صحيح. ورواه أحمد في المسند (٥/ ٢٣١) ، وابن ماجه في سننه (٣٩٧٣) وهو حديث صحيح بطرقه.