للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله حتّى يقول له: فهل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا. وعزّتك، فيعطي ربّه ما شاء الله من عهود ومواثيق. فيقدّمه إلى باب الجنّة. فإذا قام على باب الجنّة انفهقت «١» له الجنّة. فرأى ما فيها من الخير والسّرور. فيسكت ما شاء الله أن يسكت ثمّ يقول: أي ربّ، أدخلني الجنّة. فيقول الله تبارك وتعالى له: أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك ألاتسأل غير ما أعطيت؟ ويلك يا ابن آدم! ما أغدرك! فيقول:

أي ربّ، لا أكون أشقى خلقك. فلا يزال يدعو الله حتّى يضحك الله تبارك وتعالى منه. فإذا ضحك الله منه، قال: ادخل الجنّة. فإذا دخلها قال الله له: تمنّه.

فيسأل ربّه ويتمنّى. حتّى إنّ الله ليذكّره من كذا وكذا، حتّى إذا انقطعت به الأمانيّ. قال الله تعالى: ذلك لك ومثله معه» . قال أبو هريرة: وذلك الرّجل آخر أهل الجنّة دخولا الجنّة» ) * «٢» .

١٤-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: خطبنا عمر بالجابية، فقال: يا أيّها النّاس إنّي قمت فيكم كمقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فينا، فقال:

أوصيكم بأصحابي، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ يفشو الكذب، حتّى يحلف الرّجل ولا يستحلف، ويشهد الشّاهد ولا يستشهد، ألا لا يخلونّ رجل بامرأة إلّا كان ثالثهما الشّيطان، عليكم بالجماعة، وإيّاكم والفرقة، فإنّ الشّيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد. من أراد بحبوحة «٣» الجنّة فليلزم الجماعة. من سرّته حسنته وساءته سيّئته فذلك المؤمن» ) * «٤» .

١٥-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنّيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث «٥» ، قالت: وليستا بمغنّيتين «٦» . فقال أبو بكر: أبمزمور الشّيطان «٧» في بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يا أبا بكر، إنّ لكلّ قوم عيدا، وهذا عيدنا» ) *» .

١٦-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، من أسعد النّاس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: «لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أوّل منك، لما رأيت من حرصك على الحديث. أسعد النّاس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلّا الله خالصا من قبل نفسه» ) * «٩» .


(١) انفهقت: معناه انفتحت واتسعت.
(٢) البخاري- الفتح ١٢ (٧٤٣٧) ومسلم (١٨٢) واللفظ له.
(٣) بحبوحة الجنة: أوسطها وأوسعها وأرجحها.
(٤) الترمذي (٢١٦٥) واللفظ له وقال: حديث حسن صحيح. وقال محقق جامع الأصول (٦/ ٦٦٩) : إسناده حسن. والبغوي في شرح السنة (١١/ ٢٢) . والحاكم في المستدرك (١/ ١١٤) وصححه ووافقه الذهبي.
(٥) بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث: أي قال بعضهم لبعض من فخر أو هجاء. ويوم بعاث: هو يوم مشهور من أيام العرب كانت فيه مقتلة عظيمة للأوس على الخزرج واستمرت حتى جاء الإسلام. وبعاث: هو موضع من المدينة المنورة.
(٦) وليستا بمغنيتين: معناه ليس الغناء عادة لهما.
(٧) بمزمور الشيطان: بضم الميم الأولى وفتحها، والضم أشهر ويقال أيضا: مزمار، وأصله صوت بصفير، والزمير: الصوت الحسن، ويطلق على الغناء أيضا.
(٨) البخاري- الفتح ٢ (٩٤٩) . ومسلم (٨٩٢) واللفظ له.
(٩) البخاري- الفتح ١١ (٦٥٧٠) .