للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تولّينّ مال يتيم» ) * «١» .

١٥-* (عن عروة بن الزّبير- رضي الله عنهما- أنّه سأل عائشة- رضي الله عنها- عن قول الله تعالى وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ (النساء/ ٣) فقالت: يابن أختي! هي اليتيمة تكون في حجر وليّها، تشاركه في ماله فيعجبه مالها وجمالها، فيريد وليّها أن يتزوّجها بغير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا عن أن ينكحوهنّ إلّا أن يقسطوا لهنّ ويبلغوا بهنّ أعلى سنّتهنّ من الصّداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النّساء سواهنّ. قال عروة: قالت عائشة: ثمّ إنّ النّاس استفتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد هذه الآية، فأنزل الله وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ- إلى قوله- وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ والّذي ذكر الله أنّه يتلى عليكم في الكتاب الآية الأولى الّتي قال فيها وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ قالت عائشة:

وقول الله في الآية الأخرى وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ يعني هي رغبة أحدكم ليتيمته الّتي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها من يتامى النّساء إلّا بالقسط من أجل رغبتهم عنهنّ» ) * «٢» .

١٦-* (عن ابن عبّاس قال: لمّا أنزل الله وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (الإسراء/ ٣٤) وإِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى (النساء/ ١٠) الآيتين: انطلق من كان عنده يتيم، فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه، فجعل يفضل له الشّيء من طعامه فيجلس له حتّى يأكله أو يفسد فيرمي به، فاشتدّ ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى ... الآية. فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم) * «٣» .

١٧-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: كانت عند أمّ سليم يتيمة، وهي أمّ أنس «٤» .

فرأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اليتيمة فقال: «آنت هيه؟ لقد كبرت، لا كبر سنّك» فرجعت اليتيمة إلى أمّ سليم تبكي. فقالت أمّ سليم: مالك يا بنيّة؟! قالت الجارية:

دعا عليّ نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم أن لا يكبر سنّي. فالآن لا يكبر سنّي أبدا. أو قالت قرني «٥» . فخرجت أمّ سليم مستعجلة تلوث خمارها «٦» . حتّى لقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم


(١) أخرجه مسلم (١٨٢٦) ، والنسائي برقم (٣٦٦٧) ؛ قال القرطبي: «قوله (ضعيفا) أي عن القيام بما يتعين على الأمير من مراعاة مصالح الرعية الدنيوية والدينية، ووجه ضعفه عن ذلك أن الغالب عليه كان الزهد واحتقار الدنيا، ومن هذا حاله لا يعتني بمصالح الدنيا ولا أموالها اللذين بمراعاتهما تنتظم مصالح الدين ويتم أمره ... » .
(٢) البخاري- الفتح ٥ (٢٤٩٤) واللفظ له، ومسلم (٣٠١٨) .
(٣) أبو داود (٢٨٧١) ، والنسائي (٣٦٦٩) .
(٤) أم أنس: يعني أم سليم.
(٥) قرني: السن والقرن واحد.
(٦) تلوث خمارها: أي تديره على رأسها.