للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأنيخت، فمجّ في العزلاوين العلياوين «١» ، ثمّ بعث براويتها، فشربنا، ونحن أربعون رجلا عطاش حتّى روينا. وملأنا كلّ قربة معنا وإداوة، وغسلنا صاحبنا «٢» ، غير أنّا لم نسق بعيرا، وهي تكاد تنضرج «٣» . من الماء (يعني المزادتين) ثمّ قال: «هاتوا ما كان عندكم» فجمعنا لها من كسر «٤» وتمر، وصرّ لها صرّة «٥» ، فقال لها: «اذهبي فأطعمي هذا عيالك، واعلمي أنّا لم نرزأ «٦» من مائك» . فلمّا أتت أهلها قالت: لقد لقيت أسحر البشر. أو إنّه لنبيّ كما زعم.

كان من أمره ذيت وذيت «٧» . فهدى الله ذاك الصّرم «٨» بتلك المرأة، فأسلمت وأسلموا» ) * «٩» .

١٩-* (عن عبد الله بن جعفر قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيشا استعمل عليهم زيد بن حارثة، وقال: «فإن قتل زيد أو استشهد فأميركم عبد الله بن رواحة ... » وفيه: أنّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «اللهمّ اخلف جعفرا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه» قالها ثلاث مرار.

قال (أي عبد الله بن جعفر) فجاءت أمّنا فذكرت له يتمنا، وجعلت تفرح له، فقال: العيلة تخافين عليهم وأنا وليّهم في الدّنيا والآخرة؟» ) * «١٠» .


(١) فمج في العزلاوين العلياوين: المج: زرق الماء بالفم. والعزلاء: هو المثعب الأسفل للمزادة الذي يفرغ منه الماء، ويطلق أيضا على فمها الأعلى.
(٢) وغسلنا صاحبنا: يعني الجنب، أعطيناه ما يغتسل به.
(٣) تنضرج من الماء: أي تنشق.
(٤) كسر: جمع كسرة وهي القطعة من الشيء المكسور.
(٥) وصرّ لها صرة: أي شد ما جمعه لها في لفافة.
(٦) لم نرزأ: لم ننقص من مائك شيئا.
(٧) ذيت وذيت: بمعنى كيت وكيت وكذا وكذا.
(٨) الصرم: أبيات مجتمعة.
(٩) البخاري- الفتح ٦ (٣٥٧١) ، ومسلم (٦٨٢) واللفظ له.
(١٠) أحمد (١/ ٢٠٤، ٢٠٥) ، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح؛ وهو في مجمع الزوائد (٦/ ١٥٦- ١٥٧) ، وقال: روى أبو داود وغيره بعضه.