للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوضع ثيابه على الحجر ثمّ اغتسل. فلمّا فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإنّ الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر «١» . حتّى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله وأبرأه ممّا يقولون، وقام الحجر، فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربا بعصاه، فو الله إنّ بالحجر لندبا «٢» من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا، فذلك قوله (الأحزاب: ٦٩) :

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً) * «٣» .

٥-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «بينما رجل يمشي بطريق، اشتدّ عليه العطش، فوجد بئرا فنزل فيها فشرب، ثمّ خرج فإذا كلب يلهث «٤» يأكل الثّرى «٥» من العطش، فقال الرّجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الّذي كان بلغ بي، فنزل البئر فملأ خفّه ماء ثمّ أمسكه بفيه، فسقى الكلب فشكر الله له. فغفر له» قالوا: يا رسول الله! وإنّ لنا في البهائم أجرا؟ فقال: «في كلّ ذات كبد رطبة أجر «٦» » ) * «٧» .

٦-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بينما كلب يطيف «٨» بركيّة «٩» كاد يقتله العطش. إذ رأته بغيّ «١٠» من بغايا بني إسرائيل. فنزعت موقها «١١» ، فسقته، فغفر لها به» ) * «١٢» .

٧-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:

جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها. فأطعمتها ثلاث تمرات. فأعطت كلّ واحدة منهما تمرة. ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها. فاستطعمتها ابنتاها. فشقّت التّمرة، الّتي كانت تريد أن تأكلها بينهما. فأعجبني شأنها. فذكرت الّذي صنعت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «إنّ الله قد أوجب لها بها الجنّة، أو أعتقها بها من النّار» ) * «١٣» .

٨-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّه


(١) ثوبي حجر: أي أعطني ثوبي يا حجر.
(٢) الندب: بفتحتين جمع ندبة وهي أثر الجرح وشبه هنا أثر الضرب في الحجر بأثر الجرح.
(٣) البخاري- الفتح ٦ (٣٤٠٤) .
(٤) يلهث: يقال: لهث بفتح الهاء وكسرها، يلهث، بفتحها لا غير، لهثا، بإسكانها. والاسم اللهث، بالفتح واللهاث، بضم اللام. ورجل لهثان وامرأة لهثى كعطشان وعطشى. وهو الذي أخرج لسانه من شدة العطش والحر.
(٥) الثرى: التراب النديّ.
(٦) في كل ذات كبد رطبة أجر: معناه في الإحسان إلى كل حيوان حي يسقيه، ونحوه، أجر. وسمي الحي ذا كبد رطبة لأن الميت يجف جسمه وكبده.
(٧) البخاري- الفتح ١٠ (٦٠٠٩) واللفظ له. ومسلم (٢٢٤٤) .
(٨) يطيف بالشيء: أي يدور حوله. يقال: طاف به وأطاف، إذا دار حوله.
(٩) بركيّة: الركية البئر.
(١٠) بغيّ: البغي هي الزانية. والبغاء، بالمد: هو الزنى.
(١١) موقها: الموق هو الخف، فارسي معرب. ومعنى نزعت موقها أي استقت. يقال: نزعت بالدلو إذا استقت به من البئر ونحوها، ونزعت الدلو أيضا.
(١٢) البخاري- الفتح ٦ (٣٤٦٧) واللفظ له. ومسلم (٢٢٤٥) .
(١٣) البخاري- الفتح ٣ (١٤١٨) نحوه. ومسلم (٢٦٣٠) واللفظ له.