للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فغلبوهم. قال: فذهبت أنا فاختبأت. وقال: يا غنثر! فجدّع وسبّ «١» ، وقال: كلوا. لا هنيئا. وقال: والله لا أطعمه أبدا. قال: فايم الله! ما كنّا نأخذ من لقمة إلّا ربا من أسفلها أكثر منها. قال: حتّى شبعنا وصارت أكثر ممّا كانت قبل ذلك. فنظر إليها أبو بكر فإذا هي كما هي أو أكثر. قال لامرأته: يا أخت بني فراس! ما هذا؟ قالت: لا. وقرّة عيني! لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرار. قال: فأكل منها أبو بكر وقال: إنّما كان ذلك من الشّيطان. يعني يمينه. ثمّ أكل منها لقمة. ثمّ حملها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأصبحت عنده، قال: وكان بيننا وبين قوم عقد فمضى الأجل. فعرّفنا «٢» اثنا عشر رجلا، مع كلّ رجل منهم أناس، الله أعلم كم مع كلّ رجل، إلّا أنّه بعث معهم فأكلوا منها أجمعون، أو كما قال) * «٣» .

١٧-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: بينما نحن في سفر مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذ جاء رجل على راحلة له فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من كان معه فضل ظهر «٤» فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له» قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتّى رأينا أنّه لا حقّ لأحد منّا في فضل) * «٥» .

١٨-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: إنّي مجهود «٦» .

فأرسل إلى بعض نسائه. فقالت: والّذي بعثك بالحقّ! ما عندي إلّا ماء. ثمّ أرسل إلى أخرى، فقالت مثل ذلك. حتّى قلن كلّهنّ مثل ذلك: لا. والّذي بعثك بالحقّ! ما عندي إلّا ماء. فقال: «من يضيف هذا، اللّيلة، رحمه الله» فقام رجل من الأنصار فقال: أنا. يا رسول الله!، فانطلق به إلى رحله. فقال لامرأته: هل عندك شيء؟. قالت: لا. إلّا قوت صبياني. قال:

فعلّليهم بشيء، فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السّراج وأريه أنّا نأكل. فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السّراج حتّى تطفئيه، قال: فقعدوا وأكل الضّيف، فلمّا أصبح غدا على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما اللّيلة» ) * «٧» .

١٩-* (عن عبد الرّحمن بن أبي بكر- رضي الله عنهما- قال: كنّا مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثلاثين ومائة، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «هل مع أحد منكم طعام؟» فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه، فعجن، ثمّ جاء رجل مشرك مشعانّ «٨» طويل بغنم يسوقها، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «أبيع أم عطيّة- أو قال: هبة-؟» قال: لا، بل بيع. قال:


(١) (يا غنثر فجدع وسب) غنثر: الثقيل الوخيم، وقيل: الجاهل أو السفيه. وجدع: أي دعا بالجدع وهو قطع الأنف وغيره من الأعضاء. والسب: الشتم.
(٢) عرّفناه: أي جعلنا عرفاء.
(٣) مسلم (٢٠٥٧) .
(٤) الظهر: يراد به ما يركب من الدواب وخصه اللغويون بالإبل. والفضل: ما زاد عن الحاجة.
(٥) مسلم (١٧٢٨) .
(٦) مجهود: أصابني الجهد وهو المشقة والحاجة وسوء العيش والجوع.
(٧) البخاري- الفتح ٧ (٣٧٩٨) ، ومسلم (٢٠٥٤) واللفظ له.
(٨) مشعانّ: أي منتفش الشعر ثائر الرأس.