للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم. وحفّ «١» بعضهم بعضا بأجنحتهم. حتّى يملأوا ما بينهم وبين السّماء الدّنيا. فإذا تفرّقوا عرجوا وصعدوا إلى السّماء. قال: فيسألهم الله- عزّ وجلّ- وهو أعلم بهم:

من أين جئتم؟. فيقولون: جئنا من عند عباد لك في الأرض، يسبّحونك ويكبّرونك ويهلّلونك ويحمدونك ويسألونك. قال: وما يسألوني؟. قالوا: يسألونك جنّتك. قال: وهل رأوا جنّتي؟. قالوا: لا. أي ربّ، قال: فكيف لو رأوا جنّتي؟. قالوا:

ويستجيرونك «٢» . قال: وممّ يستجيرونني؟. قالوا: من نارك. يا ربّ، قال: وهل رأوا ناري؟. قالوا: لا. قال:

فكيف لو رأوا ناري؟. قالوا: ويستغفرونك. قال:

فيقول: قد غفرت لهم. فأعطيتهم ما سألوا، وأجرتهم ممّا استجاروا. قال: فيقولون: ربّ، فيهم فلان. عبد خطّاء «٣» . إنّما مرّ فجلس معهم. قال: فيقول: وله غفرت. هم القوم لا يشقى بهم جليسهم» ) * «٤» .

٥-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- عن جويرية- رضي الله عنها- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم خرج من عندها بكرة حين صلّى الصّبح، وهي في مسجدها «٥» ، ثمّ رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة. فقال: «ما زلت على الحال الّتي فارقتك عليها؟» . قالت: نعم. قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرّات. لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهنّ: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد «٦» كلماته» ) * «٧» .

٦-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «أنّه ذكر رجلا من بني إسرائيل، سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال: ائتني بالشّهداء أشهدهم، فقال: كفى بالله شهيدا. قال:

فائتني بالكفيل، قال: كفى بالله كفيلا. قال: صدقت، فدفعها إليه على أجل مسمّى. فخرج في البحر فقضى حاجته، ثمّ التمس مركبا يركبها يقدم عليه للأجل الّذي أجّله فلم يجد مركبا، فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه، ثمّ زجّج موضعها «٨» ، ثمّ أتى بها إلى البحر فقال: اللهمّ إنّك تعلم أنّي كنت تسلّفت فلانا ألف دينار فسألني كفيلا فقلت: كفى بالله كفيلا، فرضي بك. وسألني شهيدا، فقلت: كفى بالله شهيدا، فرضي بذلك. وإنّي جهدت


(١) وحف: وفي بعض النسخ: حض، أي حث على الحضور والاستماع. وروي: وحط ومعناه أشار إلى بعض بالنزول. ويؤيد هذه الرواية قوله بعده، في البخاري: هلمّوا إلى حاجتكم. ويؤيد الرواية الأولى، وهي حف، قوله في البخاري: يحفونهم بأجنحتهم ويحدقون بهم ويستديرون حولهم.
(٢) ويستجيرونك من نارك: أي يطلبون الأمان منها.
(٣) خطّاء: أي كثير الخطايا.
(٤) البخاري- الفتح ١١ (٦٤٠٨) . ومسلم (٢٦٨٩) واللفظ له
(٥) في مسجدها: أي موضع صلاتها.
(٦) مداد (بكسر الميم) : قيل معناه مثلها في العدد، وقيل: مثلها في أنها لا تنفد. وقيل في الثواب. والمداد، هنا، مصدر بمعنى المدد وهو ما كثرت به الشيء قال العلماء: واستعماله، هنا، مجاز. لأن كلمات الله تعالى لا تحصر بعد ولا غيره، والمراد المبالغة به في الكثرة.
(٧) مسلم (٢٧٢٦) .
(٨) زجج موضعها: أي سوى موضع النقر وأصلحه.