وهذه خطوة نحو تحقيق النّظر بمعناه الأخير الّذي ذكره الفيروز اباديّ، أمّا المعنيان الأوّلان للنّظر وهما:
تقليب البصيرة، والتأمّل والفحص فهما من أعمال العقل الخالصة، ولهذا فقد ربطنا بين الأمرين النّظر والتّبصّر لأنّ كلّا منهما لا يغني عن الآخر من ناحية، ولأنّ النّاس مختلفون في قدراتهم من ناحية ثانية، فهناك من قويت بصائرهم ويستطيعون من خلالها تحقيق المعرفة واليقين المطلوبين، وهناك من لم يزوّدوا بمثل هذه القوّة، وهؤلاء عليهم النّظر في البراهين الحسّيّة الّتي توصّلهم إلى الغاية المطلوبة.
والخلاصة أنّ بين الأمرين (النّظر والتّبصّر) تكاملا وهما معا يسدّان حاجة جميع النّاس على اختلاف عقولهم، فالنّظر (العقليّ) قد يكتفي به البعض، أمّا البعض الآخر فعليه أن يطلب المعرفة (وخاصّة ما يتعلّق بمعرفة الله عزّ وجلّ) من خلال رؤيته لعجائب الصّنعة وعظيم الإتقان فيها، وفي ضوء ذلك نستطيع أن نصوغ تعريفا للأمرين معا على النّحو التّالي:
النّظر والتّبصّر: تقليب البصيرة لإدراك حقائق الأشياء ومعرفتها بعد التّأمّل فيها وفحصها وطلب ذلك من خلال البراهين الحسّيّة المشاهدة «١» .
[للاستزادة: انظر صفات: الاعتبار- التأمل التبين- التدبر- التفكر- البصيرة- اليقين.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإعراض- الغفلة- اللهو واللعب- التفريط والإفراط- طول الأمل] .
(١) استنبطنا هذه الفقرة من أقوال العلماء في هذه المادة.