للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحدة ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يجمعهم من الماء على أن يجمع نبات الأرض فيخرجون من الأصواء «١» ومن مصارعهم فتنظرون إليه وينظر إليكم» قال:

قلت: يا رسول الله! وكيف نحن ملء الأرض وهو شخص واحد ننظر إليه وينظر إلينا؟ قال: أنبّئك بمثل ذلك في آلاء الله «٢» - عزّ وجلّ- الشّمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم ساعة واحدة لا تضارّون في رؤيتهما، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم وترونه من أن ترونهما ويريانكم لا تضارّون في رؤيتهما» .

قلت: يا رسول الله! فما يفعل بنا ربّنا عزّ وجلّ إذا لقيناه؟ قال: «تعرضون عليه بادية له صفحاتكم لا يخفى عليه منكم خافية فيأخذ ربّك- عزّ وجلّ- بيده غرفة من الماء فينضح «٣» قبيلكم بها، فلعمر إلهك ما تخطىء وجه أحدكم منها قطرة، فأمّا المسلم فتدع وجهه مثل الرّيطة «٤» البيضاء، وأمّا الكافر فتخطمه مثل الحميم الأسود «٥» ألا ثمّ ينصرف نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم ويفترق على أثره الصّالحون فيسلكون جسرا من النّار فيطأ أحدكم الجمر فيقول حسّ «٦» ، يقول ربّك عزّ وجلّ- أو أنّه: ألا فتطّلعون على حوض الرّسول صلّى الله عليه وسلّم على أظمأ والله ناهلة عليها قطّ ما رأيتها فلعمر إلهك ما يبسط واحد منكم يده إلّا وضع عليها قدح يطهّره من الطّوف «٧» والبول والأذى، وتحبس الشّمس والقمر ولا ترون منهما واحدا، قال: قلت:

يا رسول الله! فبم نبصر؟ قال: «بمثل بصرك ساعتك هذه وذلك قبل طلوع الشّمس في يوم أشرقت الأرض واجهت به الجبال» قال: قلت: يا رسول الله فبم نجزى من سيّئاتنا وحسناتنا؟ قال: «الحسنة بعشر أمثالها والسّيّئة بمثلها إلّا أن يعفو» قال: قلت: يا رسول الله! أمّا الجنّة أمّا النّار قال: «لعمر إلهك إنّ للنّار لسبعة أبواب، ما منهنّ بابان إلّا يسير الرّاكب بينهما سبعين عاما، وإنّ للجنّة لثمانية أبواب، ما منهما بابان إلّا يسير الرّاكب بينهما سبعين عاما» قلت: يا رسول الله! فعلام نطّلع من الجنّة؟ قال: «على أنهار من عسل مصفّى، وأنهار من كأس ما بها من صداع ولا ندامة، وأنهار من لبن لم يتغيّر طعمه، وماء غير آسن «٨» ، وبفاكهة، لعمر إلهك ما تعلمون، وخير من مثله معه، وأزواج مطهّرة» قلت: يا رسول الله! ولنا فيها أزواج أو منهنّ مصلحات؟ قال: «الصّالحات للصّالحين، تلذّونهنّ مثل لذّاتكم في الدّنيا، ويلذذن بكم غير أن لا توالد» قال لقيط: فقلت: أقضي ما نحن بالغون ومنتهون


(١) الأصواء: القبور وأصلها من الصّوى: الأعلام، فشبه القبور بها.
(٢) آلاء الله: نعمه.
(٣) فينضح: أي يرش
(٤) الريطة: الملاءة إذا كانت قطعة واحدة، وقيل: كل ثوب لين دقيق.
(٥) فتخطمه مثل الحميم الأسود: أي تصيب خطمه وهو أنفه يعني تجعل له أثرا مثل أثر الخطام، والحميم الماء الحار وفي رواية مثل الحمم وهو الفحم.
(٦) حسّ كلمة: تقال عند التألم من شيء محس.
(٧) الطوف: الغائط يقال: طاف يطوف طوفا أي ذهب إلي البراز، لقضاء الحاجة.
(٨) غير أسن: غير متغير.