للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قام تبعه رجل من القوم هو أبيّ غير أنّه كنى عن نفسه، فسأله عن الدّعاء ثمّ جاء فأخبر به القوم:

اللهمّ بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفّني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهمّ وأسألك خشيتك في الغيب والشّهادة، وأسألك كلمة الحقّ في الرّضا والغضب وأسألك القصد في الفقر والغني، وأسألك نعيما لا ينفد، وأسألك قرّة عين لا تنقطع، وأسألك الرّضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذّة النّظر إلى وجهك، والشّوق إلى لقائك في غير ضرّاء مضرّة ولا فتنة مضلّة، اللهمّ زيّنّا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين) * «١» .

٥٠-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: ما صلّيت وراء نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم، إلّا سمعته يقول حين انصرف: «اللهمّ اغفر لي خطئي وعمدي، اللهمّ اهدني لصالح الأعمال والأخلاق، إنّه لا يهدي لصالحها ولا يصرف سيّئها إلّا أنت» ) * «٢» .

٥١-* (عن عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه- عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه كان إذا قام إلى الصّلاة قال: «وجّهت وجهي «٣» للّذي فطر السّماوات والأرض حنيفا «٤» وما أنا من المشركين «٥» . إنّ صلاتي ونسكي «٦» ومحياي ومماتي «٧» لله ربّ العالمين «٨» لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين. اللهمّ أنت الملك لا إله إلّا أنت. أنت ربّي وأنا عبدك. ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا. إنّه لا يغفر الذّنوب إلّا أنت. واهدني لأحسن الأخلاق «٩»


(١) أحمد (٤/ ٢٦٤) . والنسائي (٣/ ٥٤) . وابن الأثير في «جامع الأصول» (٤/ ٢١٠) وقال محققه: إسناده جيد. وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (١٢٣٧) .
(٢) الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ١٧٣) وقال: رواه الطبراني ورجاله وثقوا.
(٣) وجهت وجهي: قصدت بعبادتي للذي فطر السماوات والأرض. أي ابتدأ خلقها.
(٤) حنيفا: قال الأكثرون: معناه مائلا إلى الدين الحق وهو الإسلام. وأصل الحنف الميل. ويكون في الخير والشر. وينصرف إلى ما تقتضيه القرينة: وقيل: المراد بالحنيف، هنا المستقيم. قاله الأزهري وآخرون. وقال أبو عبيد: الحنيف عند العرب من كان على دين إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم: وانتصب حنيفا على الحال. أي وجهت وجهي في حال حنيفيتي.
(٥) وما أنا من المشركين: بيان للحنيف وإيضاح لمعناه: والمشرك يطلق على كل كافر من عابد وثن وصنم ويهودي ونصراني ومجوسي ومرتد وزنديق وغيرهم.
(٦) إن صلاتي ونسكي: قال أهل اللغة: النسك العبادة. وأصله من النسيكة، وهي الفضة المذابة المصفاة من كل خلط. والنسيكة، أيضا، ما يتقرب به إلى الله تعالى.
(٧) ومحياي ومماتي: أي حياتي وموتي. ويجوز فتح الياء فيهما وإسكانها. والأكثرون على فتح ياء محياي وإسكان مماتي.
(٨) رب العالمين: في معنى رب أربعة أقوال: حكاها الماوردي وغيره: الملك والسيد والمدبر والمربي. فإن وصف الله تعالى برب، لأنه مالك أو سيد، فهو من صفات الذات. وإن وصف به لأنه مدبر خلقه ومربيهم فهو من صفات فعله. ومتى دخلته الألف واللام، فقيل الرب، اختص بالله تعالى. وإذا حذفتا جاز إطلاقه على غيره، فيقال: رب المال ورب الدار ونحو ذلك. والعالمين: جمع عالم، وليس للعالم واحد من لفظه.
(٩) واهدني لأحسن الأخلاق: أي أرشدني لصوابها، ووفقني للتخلق بها.