من الحقّ هو أوامره ونواهيه ودينه الّذي أظهره على ألسنة رسله. والّذي غاب للحقّ: هو الإيمان بالغيب كالجنّة والنّار والصّراط والحساب ونحو ذلك، أمّا الوقوف على ما قام بالحقّ أي من أسمائه وصفاته وأفعاله.
ب- عين اليقين: ما استغنى به صاحبه عن طلب الدّليل لأنّ الدّليل يطلب للعلم بالمدلول، فإذا كان المدلول مشاهدا له. فلا حاجة حينئذ للاستدلال.
ج- حقّ اليقين: وهذه منزلة الرّسل عليهم الصّلاة والسّلام، فقد رأى نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم بعينه الجنّة والنّار وكلّم الله تعالى موسى- عليه السّلام- بلا واسطة، أمّا بالنّسبة لنا فإنّ حقّ اليقين يتأخّر إلى وقت اللّقاء.
وممّا يوضّح ذلك: أن يخبرك شخص أنّ عنده عسلا وأنت لا تشكّ في صدقه. ثمّ أراك إيّاه فازددت يقينا، ثمّ ذقت منه. فالأوّل علم اليقين، والثّاني عين اليقين، والثّالث حقّ اليقين.
فعلمنا الآن بالجنّة والنّار: علم اليقين، فإذا أزلفت الجنّة للمتّقين، وشاهدها الخلائق، وبرّزت الجحيم للغاوين، وعاينها الخلائق فذلك: عين اليقين، فإذا أدخل أهل الجنّة الجنّة، وأهل النّار النّار فذلك حينئذ حقّ اليقين «١» .