للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ (الفرقان/ ٤٣) : يعني أنّه مهما استحسن من شيء ورآه حسنا في هوى نفسه كان دينه ومذهبه كما قال تعالى:

أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ (فاطر/ ٨) » ) * «١» .

٣٧-* (قال ابن بطّة- رحمه الله تعالى-:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من سمع منكم بخروج الدّجّال فلينأ عنه ما استطاع، فإنّ الرّجل يأتيه وهو يحسب أنّه مؤمن فما يزال به حتّى يتّبعه لما يرى من الشّبهات.

قال- رحمه الله تعالى-: هذا قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وهو الصّادق المصدوق فلا يحملنّ أحدا منكم حسن ظنّه بنفسه، وما عهده من معرفته بصحّة مذهبه على المخاطرة بدينه في مجالسة بعض أهل هذه الأهواء، فيقول: أداخله لأناظره أو لأستخرج منه مذهبه، فإنّهم أشدّ فتنة من الدّجّال، وكلامهم ألصق من الجرب، وأحرق للقلوب من اللهب، ولقد رأيت جماعة من النّاس كانوا يلعنونهم ويسبّونهم فجالسوهم على سبيل الإنكار والرّدّ عليهم فما زالت بهم المباسطة، وخفيّ المكر، ودقيق الكفر، حتّى صبوا إليهم» ) * «٢» .

٣٨-* (قال الفيروزآبادىّ- رحمه الله تعالى- عظّم الله تعالى ذمّ اتّباع الهوى في قوله تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ (الجاثية/ ٢٣) وقوله وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ (البقرة/ ١٢٠) وجمع الهوى في الآية الثّانية تنبيها على أنّ لكلّ واحد هوى غير هوى الآخر، ثمّ إنّ هوى كلّ واحد لا يتناهى، فعلى هذا فإنّ اتّباع أهوائهم نهاية الضّلال والحيرة) * «٣» .

٣٩-* (قال الشّنقيطيّ- رحمه الله تعالى-:

«إنّ الواجب الّذي يلزم العلم به أن يكون جميع أفعال المكلّف مطابقة لما أمره به معبوده- جلّ وعلا-، فإذا كانت جميع أفعاله تابعة لما يهواه، فقد صرف جميع ما يستحقّه عليه خالقه من العبادة والطّاعة إلى هواه» ) * «٤» .

٤٠-* (قال الشّاعر:

إذا ما رأيت المرء يقتاده الهوى ... فقد ثكلته عند ذاك ثواكله

وقد أشمت الأعداء جهلا بنفسه ... وقد وجدت فيه مقالا عواذله

وما يردع النّفس اللّجوج عن الهوى ... من النّاس إلّا حازم الرّأي كامله) * «٥» .

٤١-* (وقال آخر:

يا عاقلا أردى الهوى عقله ... مالك قد سدّت عليك الأمور

أتجعل العقل أسير الهوى ... وإنّما العقل عليه أمير) * «٦» .


(١) التفسير (٣/ ٣٢٠) ونقله عنه الشنقيطي في الأضواء (٦/ ٣٢٩) .
(٢) الإبانة له بواسطة الهوى للغنيمان (١٢١١) .
(٣) بصائر ذوي التمييز (٥/ ٣٥٩) بتصرف.
(٤) أضواء البيان (٦/ ٣٣٠) .
(٥) أدب الدنيا والدين (٣٥) .
(٦) المصدر السابق (٣٥) .