للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدينة «١» .

أما السرية الثانية، فهي سرية أبي قتادة إلى بطن أضم «٢» وكانت في أول رمضان سنة ثمان من الهجرة «٣» وذكر الواقدي أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لما أراد غزو مكة بعث أبا قتادة في ثمانية نفر إلى بطن أضم ليظن الظانّ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم متوجه إلى تلك الناحية، ولتذهب بذلك الأخبار «٤» . وقد شارك في السرية محلّم بن جثامة بن قيس، حتى إذا كانوا ببطن أضم مر بهم عامر بن الأخبط الأشجعي فحياهم بتحية الإسلام فأمسكوا عنه، ولكن محلّما سرعان ما حمل عليه فقتله لشيء كان بينهما وسلب بعيره ومتاعه «٥» ، وفي ذلك نزل قول الله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً «٦» .


(١) ابن كثير- البداية والنهاية ٤/ ٢٤٩- ٥٠ برواية ابن إسحاق وإسناده ضعيف، ورواه ابن هشام- السيرة ٤/ ٣٦٧- ٣٦٩ عن ابن إسحاق مرسلا، أحمد- المسند ٦/ ١١- ١٢ من غير طريق ابن إسحاق، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: وفيه رواه لم يسمّ وبقية رجاله ثقات» (٦/ ٢٠٧) ، والواقدي- مغازي ٢/ ٧٧٧، البيهقي- دلائل النبوة ٤/ ٣٠٣- ٣٠٤، ونقل الطبري في تاريخه (٣/ ٣٤) أنها كانت في شعبان سنة ثمان للهجرة وأن أميرها كان أبو قتادة.
(٢) ماء على طريق مكة- اليمامة عند السمينة، ياقوت- معجم ١/ ٢٨١، وحدد ابن سعد في (الطبقات ٣/ ١٧٩) المسافة بينها وبين المدينة بثلاثة برد.
(٣) الواقدي- مغازي ٢/ ٧٩٧ بإسناد متصل، ابن سعد- الطبقات ٢/ ١٣٣.
(٤) الواقدي- مغازي ٢/ ٧٩٦- ٧٩٧.
(٥) المرجع السابق ٢/ ٧٩٧ بإسناد متصل، وجعل أمير السرية أبا قتادة بن ربعي الأنصاري، وانظر الطبري- التفسير ٩/ ٧٢، ابن سعد- الطبقات ٢/ ١٣٣.
(٦) القرآن الكريم- سورة النساء، الاية/ ٩٤، وانظر ابن هشام- السيرة، من رواية ابن إسحاق بإسناد حسن (٤/ ٣٦٣- ٤) ، الواقدي- المغازي ٢/ ٧٩٧ بإسناد متصل، وابن سعد- الطبقات ٣/ ١٣٣ معلقا، والطبري- تفسير ٩/ ٧٢. وذكر المحدثون أكثر من سبب في نزول هذه الآية، انظر البخاري- الصحيح (الفتح حديث ٤٥٩١) ، أحمد- المسند ٤/ ١٥٣ بإسناد صحيح، الترمذي- السنن، تحفة الأحوذي ٨/ ٣٨٦، بإسناد حسن، الحاكم- المستدرك ٢/ ٢٣٥ وصححه، وانظر كذلك «الألباني- صحيح الترمذي ٣/ ٤٠، حديث ٢٤٢٦» وصححه، وروى البزار بسنده إلى عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- أنها نزلت في المقداد بن الأسود. (ابن كثير- التفسير ٢/ ٣٣٨) .