للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشاهد على تحقق ذلك، فإن أهل الإسلام كلما سلمت عقائدهم وصلحت أعمالهم وأحوالهم وابتعدوا عن الكفر والشرك والمعاصي وتبرءوا من الكفار وأعمالهم وأخلصوا دينهم لله تعالى فإنهم يحيون في هذه الدنيا في أعظم الراحة والسرور ويغتبطون بدينهم ويقتنعون بما رزقهم الله، وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ويرضون ويسلمون لقضائه وقدره، ذلك أن هذه الشريعة الإسلامية فيها الهدى والرشاد ودين الحق الذي تضمنته رسالة هذا النبي الكريم قال الله تعالى هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ* «١» والهدى هو البيان والدلالة والإرشاد بمعنى أن من اتبعه كان مهتديا سائرا على النهج القويم والصراط المستقيم الذي لا يزيغ من سلكه على حد قوله تعالى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى «٢» وذلك يدل بوضوح أنه مشتمل على كل ما تمس إليه حاجة البشر مما يتعلق بعباداتهم وقرباتهم وبمعاملاتهم وشئون حياتهم، وذلك من وصف هذه الرسالة بالهدى ودين الحق فإن الحق ضد الباطل، وهذا وصف مطابق للواقع لأن كل ما جاء به هذا الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام حق وصدق بعيد كل البعد عن اللهو والباطل والفساد بل مشتمل على كل قول يدحض أي باطل ويدمغه كما في قول الله تعالى بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ «٣» فلا بد أن هذا الدين الحق قد اشتمل على كل خير ودل الأمة على ما هو الأصلح لهم في معاشهم ومعادهم وأوضح لهم المنهاج القويم الذي يؤدي بمن سلكه إلى النجاة في الدنيا والآخرة.

وقد وصف الله كتابه المنزل على هذا النبي الكريم بأنه هدى وشفاء قال الله تعالى وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ «٤» وهذه الأوصاف الشريفة الرفيعة تقتضي أنه مشتمل على كل خير وأن الشريعة التي اشتمل على بيانها واضحة المنهاج كاملة في أهدافها ومقاصدها وحاجاتها، كما تقتضي من كل المخاطبين اعتناقه وتقبل كل تعاليمه والسير على نهجه وشدة التمسك به رغم ما قد يحصل من عوائق أو ضيق حال أو أذى أو تعذيب في سبيل هذه الشريعة الغراء وذلك ما عمل به الرعيل الأول وصدر هذه الأمة حتى ظفروا بالمطلوب وحصلوا على خيري الدنيا والآخرة.


(١) سورة الصف: آية ٩.
(٢) سورة طه: آية ١٢٣.
(٣) سورة الأنبياء: آية ١٨.
(٤) سورة الإسراء: آية ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>