للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التّطوّع بمنزلة رجل أخرج صدقة ماله فجاد منها بما شاء فأمضاه، وبخل منها بما بقي فأمسكه» ) * «١» .

١١-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الظّلم ظلمات يوم القيامة، وإيّاكم والفحش، فإنّ الله لا يحبّ الفحش ولا التّفحّش، وإيّاكم والشّحّ، فإنّ الشّحّ أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالفجور ففجروا» ، فقام رجل فقال: يا رسول الله أيّ الإسلام أفضل؟

قال: «أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك» فقام ذاك أو آخر فقال: يا رسول الله أيّ الهجرة أفضل؟

قال: «أن تهجر ما كره ربّك والهجرة هجرتان: هجرة الحاضر والبادي، فهجرة البادي: أن يجيب إذا دعي ويطيع إذا أمر، والحاضر أعظمهما بليّة وأفضلهما أجرا» ) * «٢» .

١٢-* (عن سعد بن أبي وقّاص- رضي الله عنه- كان يأمر بهؤلاء الخمس ويحدّثهنّ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «اللهمّ إنّي أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أردّ إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدّنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر» ) * «٣» .

١٣-* (عن عليّ- رضي الله عنه- قال: كنّا في جنازة في بقيع الغرقد. فأتانا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة «٤» ، فنكّس فجعل ينكت «٥» بمخصرته. ثمّ قال: «ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلّا وقد كتب الله مكانها من الجنّة والنّار، وإلّا وقد كتبت شقيّة أو سعيدة» قال: فقال رجل:

يا رسول الله أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ فقال:

«من كان من أهل السّعادة، فسيصير إلى عمل أهل السّعادة، ومن كان من أهل الشّقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشّقاوة» . فقال: اعملوا فكلّ ميسّر؛ أمّا أهل السّعادة فييسّرون لعمل أهل السّعادة؛ وأمّا أهل الشّقاوة فييسّرون لعمل أهل الشّقاوة. ثمّ قرأ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى» ) * «٦» .

١٤-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لمّا خلق الله جنّة عدن خلق فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على


(١) النسائي (٤/ ١٩٤) واللفظ له، وقال الألباني: حسن (٢/ ٤٩٣) رقم ٢١٨٩ وأصل الحديث في مسلم (١١٥٤) ، وعزاه الألباني في إرواء الغليل إلى (ابن خزيمة: ٢١٤١، ٢١٤٢) . والدارقطني (٢٣٦) والبيهقي (٤/ ٢٧٥) وأحمد (٦/ ٤٩، ٢٠٧) . وانظر الإرواء (٤/ ١٣٥) .
(٢) أبو داود (١٦٩٨) مختصر. وأحمد (٢/ ١٥٩، ١٦٠) وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح (٩/ ٢٥١) رقم (٦٤٨٧) وعزاه للطيالسي والحاكم وهذا لفظ أحمد.
(٣) البخاري- الفتح ١١ (٦٣٧٠) .
(٤) المخصر- بكسر الميم- شيء يأخذه الرجل بيده ليتوكأ عليه مثل العصا ونحوها والجمع المخاصر.
(٥) النكت: أن تضرب بقضيب في الأرض فتؤثر بطرفه فيها.
(٦) البخاري- الفتح ٨ (٤٩٤٨) . ومسلم (٢٦٤٧) واللفظ له.