للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طبيعة مهمته مضيا سويّا إلى مكة «١» ، وقد ذكر علي بن أبي طالب أنه مكلف بتبليغ المسلمين صدر سورة براءة، وأنه بعث في أربع:

«لا يدخل الجنة إلا مؤمن، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهد فعهده إلى مدته، ولا يحج بعد العام مشرك» «٢» .

وكان قد عهد إلى رهط من الصحابة بمساعدة علي بن أبي طالب في إنجاز مهمته، منهم أبو هريرة والطفيل ابن عمرو الدوسي «٣» .

إن نزول صدر سورة براءة يمثل مفاصلة نهائية مع الوثنية وأتباعها، حيث منعت حجهم وأعلنت الحرب عليهم، قال تعالى: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ* وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ «٤» .

وقد أمهل المعاهدين لأجل معلوم منهم إلى انتهاء مدتهم، فقال تعالى: إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ «٥» .

كما أمهل من لا عهد له من المشركين إلى انسلاخ الأشهر الحرم، حيث يصبحون بعدها في حالة حرب مع المسلمين، قال تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «٦» .

وكان من نتائج ذلك أن بدأت حملة توعية واسعة النطاق في المناطق النائية التي تحتاج إلى ذلك، فقد ثبت في الصحيحين إرسال النبي صلّى الله عليه وسلّم معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري إلى اليمن كلا منهما إلى جهة «٧» ، وأوصاهما بقوله


(١) ابن هشام- السيرة ٤/ ٢٠٣ برواية ابن إسحاق بإسناد حسن لكنه مرسل.
(٢) البخاري- الصحيح (فتح الباري حديث ٤٣٦٣) ، مسلم الصحيح ٢/ ٩٨٢ (حديث ١٣٤٧) واقتصرا على ذكر منع حج المشركين، ومنع العري في طواف البيت العتيق، أما الإمام أحمد فقد أورده كاملا بإسناد صحيح (الفتح الرباني ٢١/ ٢١١) ، الترمذي- السنن ٤/ ١١٦، ابن كثير- البداية ٥/ ٣٨، الطبري- التفسير (١٤/ ٩٥- ١٠٢) .
(٣) الترمذي- السنن ٤/ ١١٦، الطبري- التفسير ١٠/ ٦٣- ٦٤.
(٤) القرآن الكريم- سورة التوبة، الآيات ١- ٣.
(٥) القرآن الكريم- سورة التوبة، الآية/ ٤.
(٦) القرآن الكريم- سورة التوبة، الآية/ ٥.
(٧) البخاري- الصحيح (فتح الباري، الأحاديث ٤٣٤١- ٤٣٤٥) ، مسلم- الصحيح ٣/ ١٥٨٧ (حديث ١٧٣٣) .