للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومائة، سبعين أسيرا وسبعين قتيلا، فقال أبو سفيان:

أفي القوم محمّد؟ ثلاث مرّات. فنهاهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يجيبوه ثمّ قال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ ثلاث مرّات، ثمّ قال: أفي القوم ابن الخطّاب؟ ثلاث مرّات، ثمّ رجع إلى أصحابه فقال: أمّا هؤلاء فقد قتلوا، فما ملك عمر نفسه فقال: كذبت والله يا عدوّ الله، إنّ الّذين عددت لأحياء كلّهم، وقد بقي لك ما يسوؤك. قال: يوم بيوم بدر، والحرب سجال. إنّكم ستجدون في القوم مثلة لم آمر بها ولم تسؤني. ثمّ أخذ يرتجز: أعل هبل، أعل هبل. قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ألا تجيبونه؟» قالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال: «قولوا: الله أعلى وأجلّ» قال (أبو سفيان) : إنّ لنا العزّى ولا عزّى لكم. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ألا تجيبونه؟» قال: قالوا: يا رسول الله ما نقول؟

قال: «قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم» ) * «١» .

٢١-* (عن مالك بن أوس النّصريّ قال:

انطلقت حتّى أدخل على عمر (و) أتاه حاجبه يرفأ «٢» فقال: هل لك في عثمان وعبد الرّحمن والزّبير وسعد يستأذنون، قال نعم. فدخلوا فسلّموا وجلسوا فقال هل لك في عليّ وعبّاس، فأذن لهما. قال العبّاس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين الظّالم، استبّا. فقال الرّهط، عثمان وأصحابه: يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر. فقال: اتّئدوا، أنشدكم بالله الّذي بإذنه تقوم السّماء والأرض هل تعلمون أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة» - يريد رسول الله نفسه- قال الرّهط: قال ذلك. فأقبل عمر على عليّ وعبّاس فقال: أنشدكما بالله هل تعلمان أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال ذلك؟ قالا: نعم. قال عمر: فإنّي محدّثكم عن هذا الأمر. إنّ الله كان خصّ رسوله صلّى الله عليه وسلّم في هذا المال بشيء لم يعطه أحدا غيره، فإنّ الله يقول ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ ... الآية فكانت هذه خالصة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ والله ما احتازها «٣» دونكم، ولا أستأثر بها عليكم، وقد أعطاكموها وبثّها فيكم، حتى بقي منها هذا المال، وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثمّ يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله. فعمل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بذلك حياته، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك. فقالوا: نعم. ثمّ قال لعليّ وعبّاس:

أنشدكما الله هل تعلمان ذلك. قالا: نعم. ثمّ توفّى الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم فقال أبو بكر: أنا وليّ رسول الله فقبضها أبو بكر فعمل فيها بما عمل فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنتما حينئذ وأقبل على عليّ وعبّاس- فقال تزعمان أنّ أبا بكر فيها كذا «٤» ، والله يعلم أنّه فيها صادق بارّ راشد تابع للحقّ.

ثمّ توفّى الله أبا بكر، فقلت أنا وليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر، فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر، ثمّ جئتماني وكلّمتكما على كلمة واحدة وأمركما جميع، جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك، وأتاني هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها، فقلت: إن شئتما دفعتها إليكما، على أنّ عليكما عهد الله وميثاقه تعملان فيها بما عمل به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبما عمل أبو


(١) البخاري- الفتح ٦ (٣٠٣٩)
(٢) يرفأ: هو اسم خادم عمر.
(٣) احتازها: أي استأثر بها لنفسه.
(٤) فيها كذا: أي هو فيها ظالم لكنه كنّى عن ذلك بكلمة كذا.