للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتيقّنوا باطل ما كانوا عليه. والمعنى: لو شاء الله لأرسل إلى آبائنا رسولا فنهاهم عن الشّرك وعن تحريم ما أحلّ لهم فينتهوا، فاتّبعناهم على ذلك) * «١» .

٢٣-* (قال الطّبريّ في تفسير قوله تعالى وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً (الأحزاب/ ١٣) فقوله فَارْجِعُوا أي إلى منازلكم، أمرهم بالهرب من عسكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والفرار منه وترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وقيل إنّ ذلك من قبل أوس بن قيظيّ ومن وافقه على رأيه. وقوله وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ يقول تعالى ذكره: ويستأذن بعضهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الإذن بالانصراف عنه إلى منزله ولكنّه يريد الفرار والهرب من عسكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) * «٢» .

٢٤-* (وقال ابن جرير- رحمه الله- أيضا في الآية السّابقة: قل يا محمّد لهؤلاء الّذين يستأذنونك ويقولون إنّ بيوتنا عورة هربا من القتل: من ذا الّذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا في أنفسكم من قتل أو بلاء أو غير ذلك، أو أراد عافية وسلامة. وهل ما يكون بكم في أنفسكم من سوء أو رحمة إلّا من قبلنا) * «٣» .

٢٥-* (قال القرطبيّ في تفسير قوله تعالى فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا (البقرة/ ٢٤٦) :

أخبر الله تعالى أنّه لمّا فرض عليهم القتال ورأوا الحقيقة ورجعت أفكارهم إلى مباشرة الحرب، وأنّ نفوسهم ربّما تذهب. تَوَلَّوْا أي اضطربت نيّاتهم وفترت عزائمهم، وهذا شأن الأمم المتنعّمة المائلة إلى الدّعة تتمنّى الحرب أوقات الأنفة فإذا حضرت الحرب كعّت «٤» وانقادت لطبعها) * «٥» .

٢٦-* (قال القرطبيّ في تفسير قوله تعالى ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (الأنعام/ ٢٣) : تبرّأوا من الشّرك وانتفوا منه لما رأوا من تجاوزه ومغفرته للمؤمنين، قال ابن عبّاس: يغفر الله تعالى لأهل الإخلاص ذنوبهم ولا يتعاظم عليه ذنب أن يغفره، فإذا رأى المشركون ذلك، قالوا إنّ ربّنا يغفر الذّنوب ولا يغفر الشّرك، فتعالوا نقول: إنّا كنّا أهل ذنوب ولم نكن مشركين. فقال إذ كتموا الشّرك: فاختموا على أفواههم، فيختم على أفواههم فتنطق أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون، فعند ذلك يعرف المشركون أنّ الله لا يكتم حديثا) * «٦» .

٢٧-* (يقول القرطبيّ في قوله تعالى وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ (الأنعام/ ١٢٤) : بيّن شيئا آخر من جهلهم وهو أنّهم قالوا لن نؤمن حتّى نكون أنبياء، فنؤتى مثلما أوتي


(١) تفسير القرطبي (٧/ ٨٤) .
(٢) تفسير الطبري مجلد ١٠ (٢١/ ٨٦) .
(٣) تفسير الطبري (٢٠/ ٨٧) .
(٤) كعّت: أي جبنت وأحجمت.
(٥) تفسير القرطبي (٣/ ١٦٠) .
(٦) تفسير القرطبي (٦/ ٢٥٨، ٢٥٩) .