للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب، فإذا هو مجاف «١» فسمعت أمّي خشف قدميّ «٢» ، فقالت مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضة الماء «٣» . قال: فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب، ثمّ قالت:

يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله. قال: فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأتيته وأنا أبكي من الفرح. قال: قلت: يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أمّ أبي هريرة. فحمد الله وأثنى عليه وقال: خيرا. قال: قلت يا رسول الله ادع الله أن يحبّبني أنا وأمّي إلى عباده المؤمنين ويحبّبهم إلينا.

قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهمّ حبّب عبيدك هذا- يعني أبا هريرة- وأمّه إلى عبادك المؤمنين. وحبّب إليهم المؤمنين» فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلّا أحبّني) * «٤» .

١١-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا يدخل أحد الجنّة إلّا أري مقعده من النار لو أساء، ليزداد شكرا، ولا يدخل النار أحد إلّا أري مقعده من الجنّة لو أحسن ليكون عليه حسرة» ) * «٥» .

١٢-* (قال كعب بن مالك- رضي الله عنه:

لم أتخلّف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة غزاها قطّ، إلّا في غزوة تبوك، غير أنّي قد تخلّفت في غزوة بدر، ولم يعاتب أحدا تخلّف عنه، إنّما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمسلمون يريدون عير قريش حتّى جمع الله بينهم وبين عدوّهم ... الحديث، وفيه: «فقال كعب بن مالك: فلمّا بلغني أنّ رسول الله قد توجّه قافلا «٦» من تبوك، حضرني بثّي ... الحديث، وفيه: قال: ونهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المسلمين عن كلامنا، أيّها الثلاثة، من بين من تخلّف عنه. قال: فاجتنبنا الناس. وقال:

تغيّروا لنا حتّى تنكّرت لي في نفسي الأرض، فما هي بالأرض الّتي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة. فأمّا صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأمّا أنا فكنت أشبّ القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق ولا يكلّمني أحد، وآتي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأسلّم عليه، وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي: هل حرّك شفتيه بردّ السلام، أم لا؟ ثمّ أصلّى قريبا منه وأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إليّ. وإذا التفتّ نحوه أعرض عنّي، حتّى إذا طال ذلك عليّ من جفوة المسلمين، مشيت حتّى تسوّرت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمّي، وأحبّ الناس إليّ، فسلّمت عليه، فو الله ما ردّ عليّ السلام، فقلت له: يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمنّ أنّي أحبّ الله ورسوله؟ قال: فسكت، فعدت فناشدته، فسكت فعدت فناشدته، فقال: الله ورسوله


(١) مجاف: مغلق.
(٢) خشف قدمي: أي صوتهما في الأرض.
(٣) خضخضة الماء: أي صوت تحريكه.
(٤) مسلم (٢٤٩١) .
(٥) البخاري- الفتح ١١ (٦٥٦٩) .
(٦) توجه قافلا: أي راجعا.