للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تمثلوا «١» ولا تقتلوا وليدا «٢» . وإذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال (أو خلال) . فأيّتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم. ثمّ ادعهم إلى الإسلام «٣» . فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم. ثمّ ادعهم إلى التّحوّل من دراهم إلى دار المهاجرين.

وأخبرهم أنّهم، إن فعلوا ذلك، فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين. فإن أبوا أن يتحوّلوا منها، فأخبرهم أنّهم يكونون كأعراب المسلمين. يجري عليهم حكم الله الّذي يجري على المؤمنين. ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء. إلّا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن هم أبوا فسلهم الجزية. فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم. فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم. وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تجعل لهم ذمّة الله «٤» وذمّة نبيّه. فلا تجعل لهم ذمّة الله ولا ذمّة نبيّه. ولكن اجعل لهم ذمّتك وذمّة أصحابك. فإنّكم أن تخفروا «٥» ذممكم وذمم أصحابكم، أهون من أن تخفروا ذمّة الله وذمّة رسوله. وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله. ولكن أنزلهم على حكمك. فإنّك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا» ) * «٦» .

٢٥-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كيف أنت إذا بقيت في حثالة من النّاس؟» قال: قلت:

يا رسول الله، كيف ذلك؟ قال: «إذا مرجت عهودهم وأماناتهم، وكانوا هكذا» وشبّك يونس بين أصابعه:

يصف ذلك- قال: قلت: ما أصنع عند ذاك يا رسول الله؟ قال: «اتّق الله- عزّ وجلّ- وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخاصّتك، وإيّاك وعوامّهم) * «٧» .

٢٦-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تلقّوا البيع «٨» ، ولا تصرّوا الغنم والإبل «٩» للبيع، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النّظرين: إن شاء أمسكها، وإن شاء ردّها بصاع تمر، لا سمراء «١٠» » ) * «١١» .

٢٧-* (عن أبي سعيد- رضي الله عنه-


(١) ولا تمثلوا: أي لا تشوهوا القتلى يقطع الأنوف والآذان.
(٢) وليدا: أي صبيا، لأنه لا يقاتل.
(٣) ثم ادعهم إلى الإسلام: هكذا هو في جميع نسخ صحيح مسلم: ثم ادعهم. قيل: صواب الرواية: ادعهم، بإسقاط ثم. وقد جاء بإسقاطها على الصواب في كتاب أبي عبيد وفي سنن أبي داود وغيرهما. لأنه تفسير للخصال الثلاث، وليست غيرها. وقال المازري: ليست ثم، هنا زائدة. بل دخلت لاستفتاح الكلام والأخذ.
(٤) ذمة الله: الذمة، هنا، العهد.
(٥) أن تخفروا: يقال: أخفرت الرجل اذا نقضت عهده. وخفرته أمنته وحميته.
(٦) مسلم (١٧٣١) .
(٧) رواه أحمد: ٢/ ١٦٢ وقال الشيخ أحمد شاكر ١٠ (٦٥٠٨) : إسناده صحيح. ورواه الحاكم (٤/ ٤٣٥) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(٨) لا تلقوا البيع: هو أن يستقبل الحضري البدوي قبل وصوله للبلد ويخبره كذبا بكساد ما معه ليشتري منه سلعته بأقل من ثمن المثل.
(٩) لا تصروا الإبل والغنم: معناه: لا تجمعوا اللبن في ضرعها عند إرادة بيعها حتى يعظم ضرعها فيظن المشتري أن كثرة لبنها عادة لها مستمرة.
(١٠) لا سمراء: السمراء: الحنطة والمعنى أنه لا يلزم بدفع صاع منها لأنها أكثر ثمنا من التمر في عصرهم.
(١١) أحمد (٢/ ٢٤٢) ، وقال الشيخ أحمد شاكر ١٤ (٧٣٠٣) : إسناده صحيح، وأصله عند البخاري- الفتح ٤ (٢١٥١) . ومسلم (١٥١٥) ، وأبي داود (٣٤٤٣) ومالك والنسائي وغيرهم.