للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه- قال: لم أتخلّف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة غزاها قطّ. إلّا في غزوة تبوك ... الحديث وفيه: «ولم يذكرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى بلغ تبوكا «١» فقال، وهو جالس في القوم بتبوك: «ما فعل كعب بن مالك؟» قال رجل من بني سلمة: يا رسول الله، حبسه برداه والنّظر في عطفيه «٢» . فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت. والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلّا خيرا، فسكت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» ) * «٣» .

١٥-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لم يتكلّم في المهد إلّا ثلاثة:

عيسى ابن مريم، وصاحب جريج، وكان جريج رجلا عابدا. فاتّخذ صومعة، فكان فيها، فأتته أمّه وهو يصلّي فقالت: يا جريج فقال: يا ربّ، أمّي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت. فلمّا كان من الغد، أتته وهو يصلّي فقالت: يا جريج فقال: يا ربّ، أمّي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فقالت: اللهمّ لا تمته حتّى ينظر وجوه المومسات. فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته، وكانت امرأة بغيّ يتمثّل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننّه لكم. قال:

فتعرّضت له فلم يلتفت إليها فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها. فوقع عليها.

فحملت. فلمّا ولدت، قالت: هو من جريج، فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيت بهذه البغيّ. فولدت منك.

فقال: أين الصّبيّ؟ فجاءوا به، فقال: دعوني حتّى أصلّي، فلمّا انصرف أتى الصّبيّ فطعن في بطنه، وقال: من أبوك؟ قال: فلان الرّاعي. قال: فأقبلوا على جريج يقبّلونه ويتمسّحون به، وقالوا: نبني لك صومعتك من ذهب، قال: لا، أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا. وبينا صبيّ يرضع من أمّه، فمرّ رجل راكب على دابّة فارهة وشارة حسنة فقالت أمّه: اللهمّ، اجعل ابني مثل هذا، فترك الثّدي وأقبل إليه فنظر إليه، فقال: اللهمّ، لا تجعلني مثله، ثمّ أقبل على ثديه فجعل يرتضع، قال: فكأنّي أنظر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يحكي ارتضاعه بإصبعه السّبّابة في فمه فجعل يمصّها. قال: ومرّوا بجارية وهم يضربونها ويقولون:

زنيت، سرقت، وهي تقول: حسبي الله ونعم الوكيل، فقالت أمّه: اللهمّ، لا تجعل ابني مثلها، فترك الرّضاع ونظر إليها، فقال: اللهمّ، اجعلني مثلها، فهناك تراجعا الحديث. فقالت: حلقى «٤» مرّ رجل حسن الهيئة فقلت: اللهمّ، اجعل ابني مثله، فقلت: اللهمّ لا تجعلني مثله، ومرّوا بهذه الأمة وهم يضربونها ويقولون: زنيت، سرقت، فقلت: اللهمّ لا تجعل ابني مثلها، فقلت: اللهمّ، اجعلني مثلها. قال: إنّ ذاك


(١) حتى بلغ تبوكا هو فى أكثر النسخ تبوكا، وكذا هو فى نسخ البخارى، وكأنه صرفها لإرادة الموقع، دون البقعة.
(٢) النظر في عطفيه: أي جانبيه. وهو إشارة إلى إعجابه بنفسه ولباسه.
(٣) البخاري- الفتح ٧ (٤٤١٨) ، ومسلم ٤ (٢٧٦٩) واللفظ له.
(٤) حلقى: أي أصابه الله بوجع في حلقه.