للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال لهم: الشّحّ أشدّ من البخل لأنّ الشّحيح يشحّ على ما فى يديه فيحبسه، ويشحّ على ما فى أيدي النّاس حتّى يأخذه. وأمّا البخيل فهو يبخل على ما فى يديه) * «١» .

٦-* (دخل الحسن البصريّ على عبد الله بن الأهتم يعوده فى مرضه، فرآه يصوّب بصره فى صندوق فى بيته ويصعّده، ثمّ قال: أبا سعيد، ما تقول فى مائة ألف فى هذا الصّندوق، لم أؤدّ منها زكاة، ولم أصل منها رحما؟ قال: ثكلتك أمّك، ولمن كنت تجمعها؟ قال:

لروعة الزّمان، وجفوة السّلطان، ومكاثرة العشيرة. ثمّ مات، فشهده الحسن فلمّا فرغ من دفنه. قال: انظروا إلى هذا المسكين. أتاه شيطانه فحذّره روعة زمانه، وجفوة سلطانه، ومكاثرة عشيرته، عمّا رزقه الله إيّاه وغمره فيه. انظروا كيف خرج منها مسلوبا محروبا. ثمّ التفت إلى الوارث فقال: أيّها الوارث، لا تخدعنّ كما خدع صويحبك بالأمس، أتاك هذا المال حلالا فلا يكوننّ عليك وبالا، أتاك عفوا صفوا ممّن كان له جموعا منوعا، من باطل جمعه، ومن حقّ منعه، قطع فيه لجج البحار، ومفاوز القفار، لم تكدح فيه بيمين، ولم يعرق لك فيه جبين. إنّ يوم القيامة يوم ذو حسرات، وإنّ من أعظم الحسرات غدا أن ترى مالك في ميزان غيرك فيالها عثرة لا تقال، وتوبة لا تنال) * «٢» .

٧-* (قال الخطّابيّ- رحمه الله تعالى-:

الشّحّ من البخل، وكأنّ الشّحّ جنس، والبخل نوع، وأكثر ما يقال: البخل في أفراد الأمور، والشّحّ عامّ كالوصف اللّازم وما هو من قبل الطّبع) * «٣» .

٨-* (قال ابن عقيل- رحمه الله تعالى-:

البخل: يورث التّمسّك بالموجود، والمنع من إخراجه لألم يجده عند تصوّر قلّة ما حصل وعدم الظّفر بخلفه، والشّحّ يفوّت النّفس كلّ لذّة، ويجرّعها كلّ غصّة) * «٤» .

٩-* (قال محمود الورّاق- رحمه الله تعالى-:

تمتّع بمالك قبل الممات ... وإلّا فلا مال إن أنت متّا

شقيت به ثم خلّفته ... لغيرك بعدا وسحقا ومقتا

فجاد عليك بزور البكا ... وجدت له بالّذي قد جمعتا

وأعطيته كلّ ما في يديك ... فخلّاك رهنا بما قد كسبتا

) * «٥» .

١٠-* (أنشد ابن الأعرابيّ- رحمه الله تعالى-:

لسانك معسول ونفسك شحّة ... وعند الثّريّا من صديقكما لكا

وأنت امرؤ خلط إذا هي أرسلت ... يمينك شيئا أمسكته شمالكا

) * «٦» .


(١) مساوىء الأخلاق ومذمومها للخرائطي (١٤١) بتصرف.
(٢) العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي (٣/ ١٤٨- ١٤٩) .
(٣) الآداب الشرعية (٣/ ٣٠٤) .
(٤) المرجع السابق (٣/ ٣٠٣) .
(٥) مساوىء الأخلاق للخرائطي (١٤٣) .
(٦) لسان العرب (٤/ ٢٢٠٥) .