للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومتفرّقين «١» فجمعكم الله بي؟» ويقولون: الله ورسوله أمنّ. فقال: «ألا تجيبوني؟» فقالوا: الله ورسوله أمنّ.

فقال: «أما إنّكم لو شئتم أن تقولوا كذا وكذا. وكان من الأمر كذا وكذا» لأشياء عدّدها- زعم عمرو أن لا يحفظها- فقال: «ألا ترضون أن يذهب النّاس بالشّاء «٢» والإبل، وتذهبون برسول الله إلى رحالكم؟

الأنصار شعار «٣» والنّاس دثار «٤» . ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار. ولو سلك النّاس واديا وشعبا، لسلكت وادي الأنصار وشعبهم. إنّكم ستلقون بعدي أثرة. فاصبروا حتّى تلقوني على الحوض» ) * «٥» .

١١-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّ ضمادا قدم مكّة. وكان من أزد شنوءة وكان يرقي «٦» من هذه الرّيح «٧» . فسمع سفهاء من أهل مكّة يقولون: إنّ محمّدا مجنون، فقال: لو أنّي رأيت هذا الرّجل لعلّ الله يشفيه على يديّ. قال: فلقيه. فقال: يا محمّد! إنّي أرقي من هذه الرّيح، وإنّ الله يشفي على يديّ من شاء، فهل لك «٨» ؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّدا عبده ورسوله. أمّا بعد» . قال: فقال: أعد عليّ كلماتك هؤلاء. فأعادهنّ عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاث مرّات. قال: فقال: لقد سمعت قول الكهنة وقول السّحرة وقول الشّعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلغن ناعوس البحر «٩» . قال: فقال: هات يدك أبايعك على الإسلام. قال: فبايعه. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «وعلى قومك» قال: وعلى قومي. قال: فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سريّة فمرّوا بقومه، فقال صاحب السّريّة للجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئا؟ فقال رجل من القوم: أصبت منهم مطهرة. فقال: ردّوها. فإنّ هؤلاء قوم ضماد) * «١٠» .

١٢-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما-: أنّ نفرا كانوا جلوسا بباب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال بعضهم ألم يقل الله كذا وكذا؟ وقال بعضهم: ألم يقل الله كذا وكذا؟ فسمع ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فخرج كأنّما فقىء في وجهه حبّ الرّمّان، فقال: «بهذا أمرتم أو لهذا خلقتم؟ أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض؟ إنّما ضلّت الأمم قبلكم في مثل هذا، إنّكم لستم ممّا ههنا في شيء، انظروا الّذي أمرتم به فاعملوا به، والّذي نهيتم عنه فانتهوا» ) * «١١» .


(١) متفرقين: يعني متدابرين، يعادي بعضكم بعضا.
(٢) بالشاء: هو جمع شاة، وهي الغنم.
(٣) شعار: الثوب الذي يلي الجسد.
(٤) دثار: ما فوق الشعار (ومعنى الحديث الأنصار هم البطانة والخاصة والأحفياء وألصق الناس به من سائر الناس.
(٥) البخاري- الفتح ٧ (٤٣٣٠) ، ومسلم ٢ (١٠٦١) واللفظ له.
(٦) يرقي: من الرقية وهي العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة.
(٧) من هذه الريح: المراد بالريح، هنا، الجنون ومس الجن.
(٨) فهل لك: أي فهل لك رغبة في رقيتي، وهل تميل إليها.
(٩) ناعوس البحر: ضبط بوجهين: أشهرهما ناعوس. والثاني قاموس. وهذا الثاني هو المشهور في روايات الحديث في غير صحيح مسلم. وقال القاضي عياض: أكثر نسخ صحيح مسلم وقع فيها ناعوس. قال أبو عبيد: قاموس البحر وسطه. وقال ابن دريد: لجته. وقال صاحب كتاب العين: قعره الأقصى.
(١٠) مسلم (٨٦٨) .
(١١) الترمذي (٢١٣٣) ، وقال في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات وابن ماجة (٨٥) ،، وأحمد (٢/ ١٩٢) واللفظ له وقال الشيخ أحمد شاكر (١١/ ٧٣) ح ٦٨٤٥: إسناده صحيح.