للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بي النّبيّون» «١» .

- وعن أبي موسى- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أعطيت فواتح الكلم «٢» وجوامعه وخواتمه «٣» » «٤» .

قال الحافظ ابن رجب الحنبليّ- رحمه الله-: فجوامع الكلم الّتي خصّ بها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نوعان:

أحدهما: ما هو في القرآن كقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ «٥» .

قال الحسن البصريّ- رحمه الله-: «لم تترك هذه الآية خيرا إلّا أمرت به ولا شرّا إلّا نهت عنه» .

الثّاني: ما هو في كلامه صلّى الله عليه وسلّم وهو منتشر موجود في السّنن المأثورة عنه «٦» .. أ. هـ.

ومن ذلك قوله «٧» : «إنّما الأعمال بالنّيّات وإنّما لكلّ امريء ما نوى» .

قال الشّافعيّ- رحمه الله-: هذا الحديث ثلث العلم، ويدخل في سبعين بابا من الفقه» «٨» .

قال القاضي عياض- رحمه الله-: «وأمّا كلامه المعتاد، وفصاحته المعلومة، وجوامع كلمه وحكمه المأثورة فقد ألّف النّاس فيها الدّواوين، وجمعت في ألفاظها ومعانيها الكتب ومنها ما لا يوازى فصاحة، ولا يباري بلاغة.

وذكر- رحمه الله- أمثلة كثيرة من أقوال الصّادق المصدوق صلّى الله عليه وسلّم.

فمن ذلك قوله: «اتّق الله حيثما كنت وأتبع السّيّئة الحسنة تمحها وخالق النّاس بخلق حسن» «٩» .

وقوله: «الدّين النّصيحة» قلنا لمن يا رسول الله؟ قال «لله عزّ وجلّ ولكتابه ولرسوله ولأئمّة المسلمين


(١) رواه مسلم برقم (٥٢٣) .
(٢) فواتح الكلم: قال ابن منظور: « ... وفي الحديث: أوتيت مفاتيح الكلم، وفي رواية: مفاتح، هما جمع مفتاح ومفتح، وهما في الأصل مما يتوصل به إلى استخراج المغلقات التي يتعذر الوصول إليها ... ومن كان في يده مفاتيح شيء مخزون سهل عليه الوصول إليه، لسان العرب (٢/ ٥٣٧) .
(٣) خواتمه: حسن الوقف ورعاية الفواصل.
(٤) رواه الإمام أحمد في مسنده (١/ ٤٠٨، ٤٣٧) عن ابن مسعود رضي الله عنه، وأبو يعلي في مسنده (٤/ ١٧٣٧) عن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه-، وصحح الحديث الألباني بشواهده- انظر صحيح الجامع الصغير برقم (١٠٦٩) وسلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (١٤٨٣) .
(٥) سورة النحل: الآية (٩٠) .
(٦) انظر كتاب «جامع العلوم والحكم» لابن رجب الحنبلي (ص ٣) .
(٧) رواه البخاري- الفتح ١ (١) . ومسلم بلفظ «إنما الأعمال بالنية..» برقم (١٩٠٧) .
(٨) جامع العلوم والحكم (ص ٥) .
(٩) رواه الترمذي برقم (١٩٨٧) وقال: حديث حسن صحيح، ورواه الإمام أحمد (٥/ ١٥٣، ١٥٨، ٢٢٨، ٢٣٦) ، والدارمي برقم (٢٧٩٤) ، الحاكم في المستدرك (١/ ٥٤) وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.