للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أظلم النّاس من ظلم لغيره) أي إعانة لغيره ولمصلحته) * «١» .

٩-* (قال أبو العتاهية:

أما والله إنّ الظّلم لؤم ... وما زال المسيء هو الظلوم

إلى ديّان يوم الدّين نمضي ... وعند الله تجتمع الخصوم

ستعلم في الحساب إذا التقينا ... غدا عند الإله من الملوم

) * «٢» .

١٠-* (وقال آخر:

وما من يد إلّا يد الله فوقها ... وما ظالم إلا سيبلى بأظلم

) * «٣» .

١١-* (قال ابن الجوزيّ- رحمه الله تعالى- «الظّلم يشتمل على معصيتين: أخذ مال الغير بغير حقّ، ومبارزة الرّبّ بالمخالفة، والمعصية فيه أشدّ من غيرها لأنّه لا يقع غالبا إلّا بالضّعيف الّذي لا يقدر على الانتصار. وإنّما ينشأ الظّلم عن ظلمة القلب ولو استنار بنور الهدى لاعتبر، فإذا سعى المتّقون بنورهم الّذي حصل لهم بسبب التّقوى اكتنفت ظلمات الظّلم الظّالم، حيث لا يغني عنه ظلمه شيئا» ) * «٤» .

١٢-* (قال ابن تيميّة- رحمه الله تعالى-:

«إنّ النّاس لم يتنازعوا في أنّ عاقبة الظّلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة، ويروى (الله ينصر الدّولة العادلة، وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدّولة الظّالمة وإن كانت مؤمنة» ) * «٥» .

١٣-* (قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى-:

«الإنسان خلق في الأصل ظلوما جهولا، ولا ينفكّ عن الجهل والظّلم إلّا بأن يعلّمه الله ما ينفعه، ويلهمه رشده، فمن أراد به خيرا علّمه ما ينفعه، فخرج به عن الجهل، ونفعه بما علّمه فخرج به عن الظّلم ومن لم يرد به خيرا أبقاه على أصل الخلقة. فأصل كلّ خير هو العلم والعدل، وأصل كلّ شرّ هو الجهل والظّلم» .

وقد جعل الله سبحانه للعدل المأمور به حدّا، فمن تجاوزه كان ظالما معتديا، وله من الذّمّ والعقوبة بحسب ظلمه وعدوانه) * «٦» .

١٤-* (وقال أيضا- رحمه الله تعالى-:

«والظّلم عند الله عزّ وجلّ يوم القيامة له دواوين ثلاثة: ديوان لا يغفر الله منه شيئا، وهو الشّرك به، فإنّ الله لا يغفر أن يشرك به. وديوان لا يترك الله تعالى منه شيئا، وهو ظلم العباد بعضهم بعضا، فإنّ الله تعالى يستوفيه كلّه. وديوان لا يعبأ الله به، وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربّه- عزّ وجلّ- فإنّ هذا الدّيوان أخفّ الدّواوين وأسرعها محوا، فإنّه يمحى بالتّوبة والاستغفار والحسنات الماحية والمصائب المكفّرة ونحو ذلك. بخلاف ديوان الشّرك، فإنّه لا يمحى إلّا بالتّوحيد، وديوان المظالم لا يمحى إلّا بالخروج منها


(١) الفتح (٥/ ١٢١) .
(٢) الآداب الشرعية (١/ ١٨١) .
(٣) المرجع السابق نفسه، توالصفحة نفسها.
(٤) فتح الباري (٥/ ١٢١) .
(٥) مجموع الفتاوى (٢٨/ ٦٢، ٦٣) .
(٦) انتهى ملخصا من إغاثة اللهفان (٢/ ١٣٦، ١٣٧) .