للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ المعنى: يأتي به حاملا له على ظهره ورقبته معذّبا بحمله وثقله ومرعوبا بصوته، وموبّخا بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد، وهذه الفضيحة الّتي يوقعها الله تعالى بالغالّ نظير الفضيحة الّتي توقع بالغادر في أن ينصب له لواء عند استه بقدر غدرته وجعل الله تعالى هذه المعاقبات حسبما يعهده البشر ويفهمونه) * «١» .

١٣-* (عن خمير بن مالك قال: لمّا أمر بالمصاحف أن تغيّر فقال ابن مسعود: من استطاع منكم أن يغلّ مصحفه فليغلّه فإنّه من غلّ شيئا جاء به يوم القيامة، ونعم الغلّ المصحف يأتي به أحدكم يوم القيامة* «٢» .

١٤-* (عن سعيد بن جبير- رضي الله عنه- في قوله أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ (آل عمران/ ١٦٢) يعني رضا الله فلم يغلل في الغنيمة كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ يعني كمن استوجب سخطا من الله في الغلول فليسا هما بسواء، ثمّ بيّن مستقرّها فقال للّذي يغلّ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ يعني مصير أهل الغلول، ثمّ ذكر مستقرّ من لا يغلّ فقال هُمْ دَرَجاتٌ يعني فضائل عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ يعني بصير بمن غلّ منكم ومن لم يغلّ) * «٣» .

١٥-* (عن الضّحّاك في قوله في الآية نفسها أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ قال: من لم يغلّ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ كمن غلّ) * «٤» .

١٦-* (عن الحسن في قوله تعالى أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ يقول أخذ الحلال خير له ممّن أخذ الحرام وهذا في الغلول، وفي المظالم كلّها) * «٥» .

١٧-* (قال الإمام البخاريّ: لا يقبل الله صدقة من غلول، ولا يقبل إلّا من كسب طيّب لقوله تعالى: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) * «٦» .

١٨-* (ذكر ابن كثير- رحمه الله في تفسيره:

«غزا النّاس في زمن معاوية- رضي الله عنه- وعليهم عبد الرّحمن بن خالد بن الوليد، فغلّ رجل من المسلمين مائة دينار روميّة. فلمّا قفل الجيش ندم وأتى الأمير فأبى أن يقبلها منه وقال: قد تفرّق النّاس، ولن أقبلها منك حتّى تأتي الله بها يوم القيامة، فجعل الرّجل يستقري الصّحابة فيقولون له مثل ذلك، فلمّا قدم دمشق ذهب إلى معاوية ليقبلها منه فأبى عليه، فخرج من عنده يبكي، وبينما هو يبكي ويسترجع فمرّ بعبد الله بن الشّاعر السّكسكيّ فقال له: ما يبكيك؟

فذكر له أمره. فقال له: أو مطيعي أنت؟ فقال: نعم.

فقال: اذهب إلى معاوية فقل له: اقبل منّي خمسك فادفع إليه عشرين دينارا وانظر إلى الثّمانين الباقية فتصدّق بها عن ذلك الجيش، فإنّ الله يقبل التّوبة عن


(١) تفسير القرطبي (٤/ ١٦٤) .
(٢) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(٣) الدر المنثور (١٥٦) .
(٤) المرجع السابق (١٦٤) .
(٥) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(٦) المرجع السابق (١٦٥) .