للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كلّ شيء، وقرّبك نجيّا، فبكم وجدت الله كتب التّوراة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عاما. قال آدم: فهل وجدت فيها وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى (طه/ ١٢١) ، قال: نعم. قال: أفتلومني على أن عملت عملا كتبه الله عليّ أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فحجّ آدم موسى» ) * «١» .

٦-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «تحاجّ آدم وموسى، فحجّ آدم موسى، فقال له موسى: أنت آدم «٢» الّذي أغويت النّاس وأخرجتهم من الجنّة؟، فقال آدم: أنت الّذي أعطاه الله علم كلّ شيء واصطفاه على النّاس برسالته؟، قال: نعم. قال: فتلومني على أمر قدّر عليّ قبل أن أخلق؟» ) * «٣» .

٧-* (عن عديّ بن حاتم- رضي الله عنه- أنّ رجلا خطب عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بئس الخطيب أنت. قل: ومن يعص الله ورسوله» . قال ابن نمير: فقد غوي «٤» ) * «٥» .

٨-* (عن أبي برزة الأسلميّ- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «إنّ ممّا أخشى عليكم شهوات الغيّ في بطونكم وفروجكم، ومضلّات الهوى» ، وفي رواية أخرى «ومضلّات الفتن» ) * «٦» .

٩-* (عن بهز بن حكيم- رضي الله عنه- عن أبيه عن جدّه، أنّ أباه أو عمّه قام إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال:

جيراني بم أخذوا «٧» ؟ فأعرض عنه، ثمّ قال: أخبرني بم أخذوا؟ فأعرض عنه، فقال: لئن قلت ذاك، إنّهم يزعمون أنّك تنهى عن الغيّ وتستخلي به «٨» . فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما قال «٩» . فقام أخوه أو ابن أخيه فقال:

يا رسول الله إنّه قال (كذا) ، فقال: «لقد قلتموها- أو قائلها منكم- ولئن كنت أفعل ذلك، إنّه لعليّ، وما هو عليكم، خلّوا له عن جيرانه» ) * «١٠» .

١٠-* (عن ربيعة بن عبّاد الدّيليّ- رضي الله عنه- قال: رأيت أبا لهب بعكاظ وهو يتّبع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو يقول: إنّ هذا قد غوى فلا يغوينّكم «١١»


(١) البخاري- الفتح ٦ (٣٤٠٩) ، ومسلم (٢٦٥٢) ، واللفظ له.
(٢) المعنى أأنت آدم على الاستفهام المحذوف أداته، وقد حذفت أداة الاستفهام أيضا في الموضعين التالين وهما: أنت الذي أعطاه ... ، وقوله: فتلومني، والمعنى: أفتلومني.
(٣) مسلم (٢٦٥٢) ، واللفظ له، وأحمد في المسند (٢/ ٣١٤) .
(٤) ورد الفعل غوي بكسر الواو وفتحها، قال المحقق (محمد فؤاد عبد الباقي) والصواب الفتح لأنه من الغيّ وهو الانغماس في الشّرّ.
(٥) مسلم (٨٧٠) ، واللفظ له، والنسائي ٦ (٣٢٧٩) .
(٦) أحمد في المسند (٤/ ٤٢٠، ٤٢٣) وقال الهيثمي في المجمع: رواه أحمد والبزار والطبراني في الثلاثة ورجاله رجال الصحيح.
(٧) سياق هذا الحديث أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان قد أخذ ناسا في تهمة فحبسهم فجاءه رجل وهو يخطب فسأله عن سبب هذا الحبس وقد جاء هذا بعد الحديث المستشهد به في المسند (٥/ ٢) .
(٨) تستخلي به: أي تفعله خاليا بينك وبين نفسك.
(٩) أي في الخطبة التي كان قد ابتدأها قبل مجيئه.
(١٠) أحمد في المسند (٥/ ٢، ٤) وقد ورد في بعض الروايات الشر بدل الغي.
(١١) الغيّ والإغواء هنا إنما هما من وجهة نظر أبي لهب لأن الإسلام وما يدعو إليه النبي صلّى الله عليه وسلّم كان كذلك عنده.