للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسمعته حين تشهّد. ثمّ قال: «أمّا بعد فإنّي أنكحت أبا العاص بن الرّبيع. فحدّثني فصدّقني وإنّ فاطمة بنت محمّد مضغة منّي وإنّما أكره أن يفتنوها وإنّها والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدوّ الله عند رجل واحد أبدا» قال: فترك عليّ الخطبة) * «١» .

٣٦-* (عن عبد الرّحمن بن عبد ربّ الكعبة، قال: دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظلّ الكعبة والنّاس مجتمعون عليه. فأتيتهم فجلست إليه. فقال: كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سفر. فنزلنا منزلا. فمنّا من يصلح خباءه.

ومنّا من ينتضل، ومنّا من هو في جشره «٢» . إذ نادى منادي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الصّلاة جامعة. فاجتمعنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال: «إنّه لم يكن نبيّ قبلي إلّا كان حقّا عليه أن يدلّ أمّته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شرّ ما يعلمه لهم وإنّ أمّتكم هذه جعل عافيتها في أوّلها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقّق «٣» بعضها بعضا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثمّ تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه، فمن أحبّ أن يزحزح عن النّار ويدخل الجنّة، فلتأته منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى النّاس الّذي يحبّ أن يؤتى إليه، ومن بايع إماما، فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع. فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» فدنوت منه فقلت له:

أنشدك الله! آنت سمعت هذا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟

فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه. وقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي. فقلت له: هذا ابن عمّك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا والله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً «النساء/ ٢٩» . قال: فسكت ساعة ثمّ قال: أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله) * «٤» .

٣٧-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يخرج في آخر الزّمان رجال يختلون الدّنيا بالدّين يلبسون للّناس جلود الضّأن من اللّين ألسنتهم أحلى من السّكّر وقلوبهم قلوب الذّئاب يقول الله- عزّ وجلّ-: أبي يغترّون أم عليّ يجترئون؟

فبي حلفت لأبعثنّ على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا» ) *.


(١) البخاري- الفتح ٩ (٥٢٣٠) ، ومسلم (٢٤٤٩) واللفظ له، والترمذي ٥ (٣٨٦٧) ، وابن ماجة ١ (١٩٩٨) .
(٢) جشره: هي الدواب التي ترعى وتبيت في مكانها.
(٣) فيرقق: أي يخفف لعظم ما بعده.
(٤) مسلم (١٨٤٤) .