للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٠-* (عن عمرو بن سلمة قال: «قال لي أبو قلابة: ألا تلقاه «١» فتسأله؟ قال: فلقيته فسألته فقال: كنّا بما ممرّ «٢» النّاس، وكان يمرّ بنا الرّكبان فنسألهم: ما للنّاس؟ ما للنّاس؟ ما هذا الرّجل؟ فيقولون: يزعم أنّ الله أرسله. أوحى إليه، أو أوحى الله بكذا، فكنت أحفظ ذلك الكلام فكأنّما يقرّ في صدري، وكانت العرب تلوّم «٣» بإسلامهم الفتح فيقولون: اتركوه وقومه؛ فإنّه إن ظهر عليهم فهو نبيّ صادق. فلمّا كانت وقعة أهل الفتح بادر كلّ قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم. فلمّا قدم قال: جئتكم والله من عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حقّا. فقال: «صلّوا صلاة كذا في حين كذا، وصلّوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصّلاة فليؤذّن أحدكم، وليؤمّكم أكثركم قرآنا» فنظروا، فلم يكن أحد أكثر قرآنا منّي؛ لما كنت أتلقّى من الرّكبان، فقدّموني بين أيديهم وأنا ابن ستّ أو سبع سنين، وكانت عليّ بردة كنت إذا سجدت تقلّصت عنّي «٤» ، فقالت امرأة من الحيّ:

ألا تغطّون عنّا است «٥» قارئكم، فاشتروا فقطعوا لي قميصا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص» ) * «٦» .

١١-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أنّ رجلا اطّلع من بعض حجر «٧» النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فقام إليه بمشقص أو مشاقص «٨» . فكأنّي أنظر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يختله «٩» ليطعنه» ) * «١٠» .

١٢-* (عن سهل بن سعد الأنصاريّ رضي الله عنه- أنّ رجلا اطّلع من جحر في باب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ومع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مدرى «١١» يرجّل به رأسه «١٢» . فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لو أعلم أنّك تنظر طعنت به في عينك. إنّما جعل الله الإذن من أجل البصر» ) * «١٣» .

١٣-* (عن سعد بن أبي وقّاص- رضي الله عنه- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم جمع له أبويه يوم أحد. قال: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين «١٤» فقال له


(١) ألا تلقاه: أي النبي صلّى الله عليه وسلّم كما يفهم مما يأتي.
(٢) المعنى يمرّ بنا الناس إذا أتو النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٣) تلوم أصلها تتلوّم- بفتح أوله وتشديد اللام- أي تنتظر.
(٤) تقلصت عني: أي انجمعت وارتفعت.
(٥) الاست: العجز وقيل: حلقة الدبر والجمع أستاه، وأصله: سته حذفت الهاء واجتلبت له همزة الوصل في أوله.
(٦) البخاري- الفتح ٧ (٤٣٠٢) .
(٧) حجر: جمع حجرة هي ناحية البيت.
(٨) المشقص: نصل السهم اذا كان طويلا غير عريض، فاذا كان عريضا فهو المعبلة.
(٩) يختله الرجل: يلتمس غفلته ليطعنه وهو غافل.
(١٠) البخاري الفتح ١١ (٦٢٤٢) ومسلم (٢١٥٧) واللفظ له.
(١١) مدرى: حديدة يسوى بها شعر الرأس. وقيل: هو شبه المشط. وقيل: هي أعواد تحدد تجعل شبه المشط. وقيل: هو عود تسوي به المرأة شعرها. وجمعه مدارى. ويقال في الواحد مدراة ومدراية. ويقال: تدريت بالمدرى.
(١٢) يرجل به رأسه. هذا يدل لمن قال: إنه مشط أو يشبه المشط. وترجيل الشعر تسريحه ومشطه.
(١٣) البخاري- الفتح ١١ (٦٢٤١) ومسلم (٢١٥٦) واللفظ له
(١٤) أحرق المسلمين: أشتد عليهم في القتال، وعمل فيهم عمل النار.