للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا خرج إلى خيبر مرّ بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط «١» يعلّقون عليها أسلحتهم، فقالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «سبحان الله، هذا كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، والّذي نفسي بيده: لتركبنّ سنّة من كان قبلكم» ) * «٢» .

وزاد رزين: «حذو النّعل بالنّعل، والقذّة «٣» بالقذّة، حتّى إن كان فيهم من أتى أمّه يكون فيكم، فلا أدري: أتعبدون العجل، أم لا؟» .

٦-* (عن أبي سعيد- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ قال: «إنّ الشّيطان قال: وعزّتك يا ربّ لا أبرح أغوي عبادك مادامت أرواحهم في أجسادهم. فقال الرّبّ تبارك وتعالى: وعزّتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني» ) * «٤» .

٧-* (عن ثوبان- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله زوى لي الأرض» أو قال- «إنّ ربّي زوى «٥» لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإنّ ملك أمّتى سيبلغ ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض «٦» ، وإنّي سألت ربّي لأمّتى أن لا يهلكها بسنة «٧» بعامّة، ولا يسلّط عليهم عدوّا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم «٨» وإنّ ربّي قال لي:

يا محمّد، إنّي إذا قضيت قضاء فإنّه لا يردّ، ولا أهلكهم بسنة بعامّة، ولا أسلّط عليهم عدوّا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، لو اجتمع عليهم من بين أقطارها، أو قال بأقطارها، حتّى يكون بعضهم يهلك بعضا، وحتّى يكون بعضهم يسبي بعضا، وإنّما أخاف على أمّتى الأئمّة المضلّين، وإذا وضع السّيف في أمّتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة، ولا تقوم السّاعة حتّى تلحق قبائل من أمّتي بالمشركين، وحتّى تعبد قبائل من أمّتي الأوثان، وإنّه سيكون في أمّتي كذّابون ثلاثون، كلّهم يزعم أنّه نبيّ، وأنا خاتم النّبيّين- لا نبيّ بعدي، ولا تزال طائفة من أمّتي على الحقّ- قال ابن عيسى:

«ظاهرين» ثمّ اتّفقا- لا يضرّهم من خالفهم حتّي يأتي أمر الله» ) * «٩» .


(١) أنواط: جمع نوط، وهو مصدر نطت به كذا وكذا أنوط نوطا إذا علقته به، ويسمى المنوط بالنوط.
(٢) الترمذي (٢١٨٠) واللفظ له وقال: حديث حسن صحيح. وقال محقق الجامع (١٠/ ٣٤) إسناده صحيح. وقال رزين زيادة منه.
(٣) القذة: ريشة السهم، وجمعها قذذ، وتكون أيضا متساوية الأقدار تقص كل ريشة على قدر الأخرى.
(٤) أحمد (٣/ ٢٩) ، والحاكم في المستدرك (٤/ ٢٦١) واللفظ له وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(٥) زوى: أي جمع: يقال: زويت الشيء أي جمعته وقبضته.
(٦) الأحمر: ملك الشام، والأبيض: ملك فارس. وإنما يقال لفارس الأبيض لبياض ألوانهم، ولأن الغالب على أموالهم الفضة. كما أن الغالب على ألوان أهل الشام الحمرة وعلى أموالهم الذهب.
(٧) السنة: مطلقة: السنة المجدبة. وفي الحديث: اللهم أعني على مضر بالسنة. أي بالجدب، يقال أسنت القوم إذا أجدبوا.
(٨) يستبيح بيضتهم: يريد جماعتهم وأصلهم وموضع سلطانهم ومستقر دعوتهم، أراد عدوّا يستأصلهم.
(٩) مسلم (٢٨٨٩) ، أبو داود (٤٢٥٢) واللفظ له، وقال الألباني في صحيح أبي داود (٣/ ٨٠١) : صحيح. والترمذي (٢٣٣٠) وقال: هذا حديث حسن صحيح.