للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقام عليهم «١» فقال: بشّر الكانزين «٢» برضف «٣» يحمى عليه «٤» في نار جهنّم، فيوضع على حلمة ثدي أحدهم.

حتّى يخرج من نغض كتفيه «٥» ويوضع على نغض كتفيه، حتّى يخرج من حلمة ثدييه يتزلزل «٦» . قال:

فوضع القوم رؤسهم، فما رأيت أحدا منهم رجع إليه شيئا «٧» . قال: فأدبر، واتّبعته حتّى جلس إلى سارية.

فقلت: ما رأيت هؤلاء إلّا كرهوا ما قلت لهم. قال: إنّ هؤلاء لا يعقلون شيئا، إنّ خليلي أبا القاسم صلّى الله عليه وسلّم دعاني فأجبته. فقال: «أترى أحدا؟» فنظرت ما عليّ من الشّمس «٨» وأنا أظنّ أنّه يبعثني في حاجة له فقلت: أراه.

فقال: «ما يسرّني أنّ لي مثله ذهبا «٩» أنفقه كلّه إلّا ثلاثة دنانير» ثمّ هؤلاء يجمعون الدّنيا لا يعقلون شيئا. قال:

قلت: مالك ولإخوتك من قريش، لا تعتريهم «١٠» وتصيب منهم. قال: لا. وربّك لا أسألهم عن دنيا «١١» ولا أستفتيهم عن دين حتّى ألحق بالله ورسوله) *١» .

٥-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أنّه قال: أقبل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهنّ، وأعوذ بالله أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ حتّى يعلنوا بها إلّا فشا فيهم الطّاعون والأوجاع الّتي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلّا أخذوا بالسّنين وشدّة المئونة وجور السّلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلّا منعوا القطر من السّماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله، إلّا سلّط الله عليهم عدوّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمّتهم بكتاب الله، ويتخيّروا ممّا أنزل الله إلّا جعل الله بأسهم بينهم» ) * «١٣» .

٦-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت إذا هو لم يعط فيها حقّها، تطؤه بأخفافها. وتأتي الغنم على صاحبها خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقّها تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها» .


(١) فقام عليهم: أي فوقف.
(٢) بشر الكانزين: هم الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، والمبالغ في ادخارهما يسمى كنّازا.
(٣) برضف: الرضف الحجارة المحماة، الواحدة رضفة، مثل تمر وتمرة.
(٤) يحمي عليها: أي يوقد عليه.
(٥) من نغض كتفيه: النغض هو العظم الرقيق على طرف الكتف، ويقال له أيضا: الناغض.
(٦) يتزلزل: التزلزل إنما هو للرضف، أي يتحرك من نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه.
(٧) رجع إليه شيئا: رجع يتعدى بنفسه في اللغة الفصحى، قال تعالى: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ ويقال: ليس لكلامه مرجوع أي جواب.
(٨) فنظرت ما على من الشمس: يعني كم بقى من النهار.
(٩) ذهبا: تمييز، رافع لإبهام المثلية.
(١٠) لا تعتريهم: أي تأتيهم وتطلب منهم، يقال: عروته واعتريته واعتروته إذا أتيته تطلب منه حاجة.
(١١) لا أسألهم عن دنيا: هكذا في الأصول: عن دنيا، وفي رواية البخاري: لا أسألهم دنيا، بحذف عن وهو الأجود، أى لا أسألهم شيئا من متاعها.
(١٢) البخاري- الفتح ٣ (١٤٠٧) ، مسلم (٩٩٢) واللفظ له.
(١٣) ابن ماجة (٤٠١٩) واللفظ له. وقال في الزوائد: هذا حديث صالح للعمل به، والحاكم (٤/ ٥٤٠) وقال: صحيح ووافقه الذهبي والمنذرى (٢/ ٥٦٨- ٥٧٠) ، وذكره الألباني في صحيح الجامع (٦/ ٣٠٦) رقم (٧٨٥٥) . والصحيحة (١/ ١٦٧- ١٦٨) رقم (١٠٦) وعزاه أيضا إلي الحلية ومسند الرويانى.