للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انقطعت بي الحبال «١» في سفري. فلا بلاغ لي اليوم إلّا بالله ثمّ بك. أسألك، بالّذي أعطاك اللّون الحسن والجلد الحسن والمال، بعيرا أتبلّغ عليه في سفري.

فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأنّي أعرفك. ألم تكن أبرص يقذرك النّاس؟ فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: إنّما ورثت هذا المال كابرا عن كابر «٢» . فقال: إن كنت كاذبا، فصيّرك الله إلى ما كنت. قال وأتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا، وردّ عليه مثل ما ردّ على هذا. فقال: إن كنت كاذبا فصيّرك الله إلى ما كنت. قال وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال:

رجل مسكين وابن سبيل. انقطعت بي الحبال في سفري. فلا بلاغ لي اليوم إلّا بالله ثمّ بك. أسألك بالّذي ردّ عليك بصرك شاة أتبلّغ بها في سفري. فقال:

قد كنت أعمى فردّ الله إليّ بصري. فخذ ما شئت، ودع ما شئت، فو الله لا أجهدك اليوم «٣» شيئا أخذته لله.

فقال: أمسك مالك. فإنّما ابتليتم. فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك) * «٤» .

٣-* (عن عبد الله بن أبي أوفى- رضي الله عنهما- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أنّه كان يقول: «اللهمّ لك الحمد ملء السّماء وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد. اللهمّ طهّرني بالثّلج والبرد والماء البارد. اللهمّ طهّرني من الذّنوب ونقّني منها كما ينقّى الثّوب الأبيض من الوسخ» ) * «٥» .

٤-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- أنّه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فرأى رجلا شعثا قد تفرّق شعره. فقال: «أما كان يجد هذا ما يسكّن به شعره؟» ورأى رجلا آخر وعليه ثياب وسخة. فقال:

«أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه؟» ) * «٦» .

٥-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أرأيتم لو أنّ نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كلّ يوم خمسا ما تقول ذلك يبقي من درنه «٧» ؟» قالوا: لا يبقي من درنه شيئا. قال:

«فذلك مثل الصّلوات الخمس يمحو الله به الخطايا» ) * «٨» .

٦-* (عن أبي ثعلبة الخشنيّ- رضي الله عنه- أنّه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله. إنّا بأرض قوم من أهل الكتاب. نأكل في آنيتهم.

وأرض صيد أصيد بقوسي، وأصيد بكلبي المعلّم، أو بكلبي الّذي ليس بمعلّم. فأخبرني ما الّذي يحلّ لنا من ذلك؟ قال: «أمّا ما ذكرت أنّكم بأرض قوم من


(١) انقطعت بي الحبال: هي الأسباب. وقيل: الطرق.
(٢) إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر: أي ورثته من آبائي الذين ورثوه من آبائهم، كبيرا عن كبير، في العز والشرف والثروة.
(٣) لا أجهدك: معناه لا أشق عليك برد شيء تأخذه.
(٤) البخاري- الفتح ٦ (٣٤٦٤) . ومسلم (٢٩٦٤) واللفظ له.
(٥) مسلم ١ (٤٧٦) . وأحمد (٤/ ٣٥٤) وهذا لفظ أحمد.
(٦) النسائي (٨/ ١٨٣ ١٨٤) وقال الألباني: صحيح (٣/ ١٠٦٤) رقم (٤٨٣٢) . وأبو داود (٤٠٦٢) واللفظ له. وأحمد (٣/ ٣٥٧) . والحاكم (٤/ ١٨٦) . وانظر الصحيحة للألباني (١/ ٨١١) رقم (٤٩٣) .
(٧) الدرن: الوسخ.
(٨) البخاري- الفتح ٢ (٥٢٨) واللفظ له. ومسلم (٦٦٧) .