ما يفعل كلّ واحد منهم تجاه الآخر تولّدت بينهم المحبّة اللّازمة للمؤاخاة التّامّة.
٧- وإذا استحسن الأخ في أخيه فضائل نفسه، ومصارف تفكيره، وأحسن أخلاقه، تولّد عن ذلك نوع من الإخاء هو الإعظام والتّعظيم.
الثّاني: أخوّة بالقصد: وهذه المؤاخاة تتمّ عن قصد ونيّة، أي يقصد الإنسان إليها قصدا، والباعث إليها أمران:
١- الرّغبة: وهي أن يظهر الإنسان رغبة في مؤاخاة إنسان آخر لظهور فضائل لديه، وتلك تبعث على إخائه، وبمعنى آخر: ظهور صفات جميلة من إنسان في غير تكلّف، بحيث يستحسنها إنسان آخر فيقصد مؤاخاته. وينبغي أن تكون هذه الصّفات أصيلة في الإنسان لا مجرّد تكلّف، فإنّ التّكلّف يفسد الصّفة، بل ويفسد الإنسان المتكلّف أيضا، ولذا لا تصحّ مؤاخاته.
٢- الرّهبة أو الحاجة، وتعني رهبة الإنسان وخوفه من وحشة الانفراد، وبالتّالي فهو في حاجة إلى اصطفاء إنسان يأنس بمؤاخاته.
وأيّا ما كان أمر دوافع الإخاء فإنّ من يريد أن يؤاخي إنسانا فعليه أن يتعرّف أحواله، ويتحرّى فيه صفات معيّنة تتمثّل فيما يلي:
١- أن يكون متمسّكا بتعاليم الدّين الحنيف، لأنّ تارك الدّين عدوّ نفسه، فلا ترجى منه منفعة غيره أو مودّته أو مواصلته.
٢- أن يكون ذا عقل جيّد، يهدي به إلى مراشد الأمور، لأنّ فاقد العقل لا تثبت معه مودّة، ولا تدوم لصاحبه استقامة.
٣- أن يكون محمود الأخلاق، مرضيّ الفعال، مؤثرا للخير، آمرا به، كارها للشّرّ ناهيا عنه، ذلك أنّ مؤاخاة الشّرّير تكسب العداء، وتفسد الأخلاق ولا خير فى مودّة تجلب عداوة، وتورث مذمّة وملامة، فإنّ المتبوع تابع صاحبه.
٤- أن يكون لدى كلّ واحد منهما ميل إلى صاحبه، ورغبة في مؤاخاته، لأنّ ذلك آكد لحال المؤاخاة.
فإذا ما تمّت المؤاخاة ترتّب على ذلك حقوق وواجبات تجاه الإخوان، وذلك كالإغضاء عن الهفوات، والنّصح لهم والتّناصح، ووجوب زيارتهم، ومودّتهم، وغير ذلك من أمور من شأنها إشاعة الألفة والتّألف بين الإخوان، وذلك كلّه بهدف تحقيق التّماسك الاجتماعيّ المطلوب بما يعين على تحقيق أهداف رسالة الإسلام. وهذا ما تشير إليه الآيات والأحاديث الواردة في هذا المجال «١» .
[للاستزادة: انظر صفات: الاجتماع- الاعتصام- الاستعانة- الإغاثة- الألفة- الإيثار- الإخلاص- تفريج الكربات- التعاون على البر والتقوى- التعارف- التناصر- صلة الرحم- المواساة المعاتبة- حسن العشرة- حسن المعاملة- حسن الخلق- حسن الظن.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإساءة- الإعراض- التخاذل- التعاون على الإثم والعدوان- البغض- التنازع- القسوة- قطيعة الرحم- الهجر- سوء الخلق- سوء المعاملة- سوء الظن- التفرق] .
(١) لمزيد التفاصيل: راجع: أدب الدنيا والدين (١٦٢- ١٧٥) .