للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٤-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» ) * «١» .

١٥-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «انطلق ثلاثة نفر ممّن كان قبلكم حتّى أووا المبيت إلى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدّت عليهم الغار. فقالوا: إنّه لا ينجيكم من هذه الصّخرة إلّا أن تدعوا لله بصالح أعمالكم. فقال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق «٢» قبلهما أهلا ولا مالا. فنأى بي في طلب شيء قوما «٣» فلم أرح «٤» عليهما حتّى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا، فلبثت والقدح على يديّ- أنتظر استيقاظهما حتّى برق الفجر، فاستيقظا فشربا غبوقهما. اللهم؛ إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرّج عنّا ما نحن فيه من هذه الصّخرة. فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج. قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: قال الآخر: اللهم كانت لي بنت عمّ كانت أحبّ النّاس إليّ، فأردتها عن نفسها فامتنعت منّي، حتّى ألّمت بها سنة «٥» من السّنين، فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار، على أن تخلّي بيني وبين نفسها ففعلت، حتّى إذا قدرت عليها، قالت: لا أحلّ لك أن تفضّ الخاتم إلّا بحقّه، فتحرّجت من الوقوع عليها، فانصرفت عنها، وهي أحبّ النّاس إليّ، وتركت الذّهب الّذي أعطيتها، اللهم؛ إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنّا ما نحن فيه، فانفرجت الصّخرة غير أنّهم لا يستطيعون الخروج منها. وقال الثّالث: اللهمّ إنّي استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد، ترك الّذي له وذهب، فثمّرت أجره حتّى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبد الله؛ أدّ إليّ أجري، فقلت له: كلّ ما ترى من أجرك من

الإبل والبقر والغنم والرّقيق، فقال: يا عبد الله لا تستهزىء بي، فقلت: إنّي لا أستهزىء بك. فأخذه كلّه فاستاقه فلم يترك منه شيئا. اللهمّ؛ فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنّا ما نحن فيه، فانفرجت الصّخرة فخرجوا يمشون» ) * «٦» .

١٦-* (عن سعد بن أبي وقّاص- رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعودني عام حجّة الوداع من وجع اشتدّ بي، فقلت: إنّي قد بلغ بي من الوجع وأنا ذو مال، ولا يرثني إلّا ابنة، أفأتصدّق بثلثي مالي؟ قال: «لا» . فقلت: بالشّطر؟ «٧» فقال:

«لا» . ثمّ قال: «الثّلث، والثّلث كبير- أو كثير- إنّك


(١) مسلم (٤/ ٢٥٦٤) .
(٢) لا أغبق: لا أقدّم في الشرب قبلهما أهلا ولا مالا، والغبوق شرب العشي.
(٣) قوما: هكذا في فتح الباري وفي صحيح البخاري «يوما» وهو الصواب، وعبارة مسلم نأى بي ذات يوم الشجر.
(٤) أرح: بضم الهمزة وكسر الراء: أي أرجع.
(٥) ألّمت بها سنة من السنين أي أصابها ما يصيب الناس في القحط والجدب، والسنة معناها هنا الجدب.
(٦) البخاري- الفتح ٤ (٢٢٧٢) واللفظ له، ومسلم (٢٧٤٣) .
(٧) الشطر هو النصف.