للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطّرق يلتمسون أهل الذّكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا: هلمّوا إلى حاجتكم، قال:

فيحفّونهم بأجنحتهم إلى السّماء الدّنيا، قال: فيسألهم ربّهم- عزّ وجلّ- وهو أعلم منهم: ما يقول عبادي؟

قال: تقول: يسبّحونك ويكبّرونك ويحمدونك ويمجّدونك قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون:

لا والله ما رأوك. قال: فيقول: كيف لو رأوني؟.

قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشدّ لك عبادة، وأشدّ لك تمجيدا، وأكثر لك تسبيحا. قال: يقول: فما يسألونني؟ قال: يسألونك الجنّة. قال: يقول: وهل رأوها؟. قال: يقولون: لا والله يا ربّ ما رأوها. قال:

فيقول: فكيف لو أنّهم رأوها؟. قال: يقولون: لو أنّهم رأوها كانوا أشدّ عليها حرصا، وأشدّ لها طلبا، وأعظم فيها رغبة. قال: فممّ يتعوّذون؟. قال: يقولون: من النّار. قال: يقول: وهل رأوها؟. قال فيقولون: لا والله يا ربّ ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو رأوها؟.

قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشدّ منها فرارا وأشدّ لها مخافة، قال: فيقول: فأشهدكم أنّي قد غفرت لهم.

قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنّما جاء لحاجة. قال: هم الجلساء لا يشقى جليسهم» ) * «١» .

٢٣-* (عن زيد بن ثابت- رضي الله عنه- قال: بينما النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في حائط لبني النّجار، على بغلة له، ونحن معه، إذ حادت به «٢» فكادت تلقيه. وإذا أقبر ستّة أو خمسة أو أربعة، فقال: «من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟» . فقال رجل: أنا. قال: «فمتى مات هؤلاء؟» . قال: ماتوا في الإشراك. فقال: «إنّ هذه الأمّة تبتلى في قبورها. فلولا أن لا تدافنوا «٣» لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الّذي أسمع منه» . ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: «تعوّذوا بالله من عذاب النّار» . قالوا: نعوذ بالله من عذاب النّار. فقال:

«تعوّذوا بالله من عذاب القبر» . قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر. قال: «تعوّذوا بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن» . قالوا: نعوذ بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن. قال: «تعوّذوا بالله من فتنة الدّجّال» .

قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدّجّال) * «٤» .

٢٤-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «تعوّذوا بالله من جار السّوء في دار المقام؛ فإنّ جار البادية يتحوّل عنك» ) * «٥» .

٢٥-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: جاء رجل إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة. قال: «أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التّامّات من شرّ ما خلق، لم تضرّك» ) * «٦» .


(١) البخاري- الفتح ١١ (٦٤٠٨) واللفظ له، مسلم (٢٦٨٩) .
(٢) حادت به: أي مالت عن الطريق ونفرت.
(٣) فلولا أن لا تدافنوا: أصله تتدافنوا، والمعنى لولا مخافة أن لا تدافنوا.
(٤) مسلم (٢٨٦٧) .
(٥) النسائي (٨/ ٢٧٤) ، والحاكم في المستدرك: (١/ ٥٣٢) وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وهو في صحيح الجامع للألباني (٢٩٦٧) .
(٦) مسلم (٢٧٠٩) .