للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقولهنّ لجعلتني يهود حمارا، فقيل له وما هنّ؟ قال:

«أعوذ بوجه الله العظيم، الّذي ليس شيء أعظم منه. وبكلمات الله التّامّات الّتي لا يجاوزهنّ برّ ولا فاجر، وبأسماء الله الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم من شرّ ما خلق وذرأ وبرأ» ) * «١» .

٥-* (قال مالك، دخل عمر بن عبد العزيز على فاطمة امرأته فطرح عليها خلق ساج عليه «٢» ، ثمّ ضرب فخذها فقال: يا فاطمة لنحن ليالي دابق «٣» أنعم منّا اليوم، فذكّرها ما كانت نسيته من عيشها، فضربت يده ضربة فيها عنف. فنحّتها عنها وقالت:

لعمري لأنت اليوم أقدر منك يومئذ فقام وهو يقول بصوت حزين: يا فاطمة إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (الأنعام/ ١٥) ، فبكت فاطمة وقالت: «اللهمّ أعذه من النّار» ) * «٤» .

٦-* (عن عديّ بن سهيل الأنصاريّ قال:

قام عمر في النّاس خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه وقال: «أمّا بعد، فإنّي أوصيكم بتقوى الله، الّذي يبقى، ويفنى سواه، والّذي بطاعته ينفع أولياءه، ويضرّ بمعصيته أعداءه.. وأن للنّاس نفرة عن سلطانهم، فعائذ بالله أن تدركني» ) * «٥» .

٧-* (ذكر القرطبيّ عند قوله تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وأمّا أمره بالاستعاذة فلكون تلك الوساوس من آثار الشّيطان. وأمّا الأمر بالانتهاء فعن الرّكون إليها والالتفات نحوها. فمن كان صحيح الإيمان واستعمل ما أمر به ربّه ونبيّه نفعه وانتفع به. وأمّا من خالجه الشّبهة وغلب عليه الحسّ، ولم يقدر على الانفكاك عنها فلا بدّ من مشافهته بالدّليل العقليّ كما قال صلّى الله عليه وسلّم للّذي خالطته شبهة الإبل الجرب حين قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم (لا عدوى) .

وقال أعرابيّ: فما بال الإبل تكون في الرّمل كأنّها الظّباء، فإذا دخل فيها البعير الأجرب أجر بها؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم:

«فمن أعدى الأوّل» فاستأصل الشّبهة من أصلها. فلمّا يئس الشّيطان من أصحاب محمّد صلّى الله عليه وسلّم بالإغراء والإضلال أخذ يشوّش عليهم أوقاتهم بتلك الألقيّات والوساوس الترّهات؛ فنفرت عنها قلوبهم وعظم عليهم وقوعها عندهم) * «٦» .

٨-* (قال عصام بن المصطلق دخلت المدينة فرأيت الحسن بن عليّ- عليهما السّلام- فأعجبني سمته وحسن روائه، فأثار منّي الحسد ما كان يجنّه صدري لأبيه من البغض، فقلت: أنت ابن أبي طالب! قال نعم. فبالغت في شتمه وشتم أبيه، فنظر إليّ نظرة عاطف رءوف، ثمّ قال: أعوذ بالله من


(١) جامع الأصول (٤/ ٣٧٢) .
(٢) خلق ساج عليه: ثياب خلقة كان يرتديها.
(٣) ليالي دابق: أيّام كنا بدابق قبل أن يصبح خليفة، ودابق بلد في الشام قريبة من حلب.
(٤) سيرة عمر بن عبد العزيز، لابن الجوزي (١٦٤)
(٥) مناقب عمر بن الخطاب (١٨٤)
(٦) القرطبى (٢٢١) .