القسم الثّالث: من له نوع عبادة بلا استعانة أو باستعانة ناقصة وهؤلاء صنفان:
١- القدريّة القائلون بأنّ الله قد فعل بالعبد جميع مقدوره من الألطاف وأنّه لم يبق في مقدوره إعانة له على الفعل، إذ قد أعانه بخلق الآلآت وسلامتها وتعريف الطّريق وإرسال الرّسل وتمكينه من الفعل، ولم يبق بعد هذا إعانة مقدورة يسأله إيّاها.
٢- من لهم عبادات وأوراد، ولكن حظّهم ناقص من التّوكّل والاستعانة فهؤلاء وأولئك لهم نصيب من التّوفيق والنّفوذ والتّأثير بحسب استعانتهم وتوكّلهم، ولهم من الخذلان والضّعف والمهانة والعجز بحسب قلّة استعانتهم وتوكّلهم، ولو توكّل العبد على الله حقّ توكّله (واستعان به حقّ استعانته) في إزالة جبل عن مكانه وكان مأمورا بإزالته لأزاله.
القسم الرّابع: هم أولئك الّذين يشهدون تفرّد الله بالنّفع والضّرّ، وأنّه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولم يدر مع ما يحبّه ويرضاه، ومع ذلك توكّل عليه واستعان به على حظوظه وشهواته وأغراضه، فقضيت له وأسعف بها سواء أكانت مالا أو جاها عند الخلق، هؤلاء لا عاقبة لهم ولا يعدو ما أعطوه أن يكون من جنس الملك الظّاهر والأموال الّتي لا تستلزم الإسلام فضلا عن الولاية والقرب من الله تعالى «١» .