للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم، فلمّا رآه قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد، ثمّ قال: يا إسماعيل، إنّ الله أمرني بأمر.

قال: فاصنع ما أمرك ربّك. قال: وتعينني؟ قال:

وأعينك. قال: فإنّ الله أمرني أن أبني ههنا بيتا وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها- قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتّى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له، فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان: رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ قال: فجعلا يبنيان حتّى يدورا حول البيت وهما يقولان: رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (البقرة/ ١٢٧) » ) * «١» .

٢-* (عن أبي أمامة الباهليّ- رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فكان أكثر خطبته حديثا حدّثناه عن الدّجّال. وحذّرناه. فكان من قوله أن قال: «إنّه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرّيّة آدم أعظم من فتنة الدّجّال. وإنّ الله لم يبعث نبيّا إلّا حذّر أمّته الدّجّال. وأنا آخر الأنبياء. وأنتم آخر الأمم. وهو خارج فيكم لا محالة. وإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم فأنا حجيج لكلّ مسلم. وإن يخرج من بعدي فكلّ امرىء حجيج نفسه. والله خليفتي على كلّ مسلم، وإنّه يخرج من خلّة «٢» بين الشّام والعراق. فيعيث يمينا ويعيث شمالا. يا عباد الله فاثبتوا؛ فإنّي سأصفه لكم صفة لم يصفها إيّاه نبيّ قبلي. إنّه يبدأ فيقول: أنا نبيّ ولا نبيّ بعدي. ثمّ يثنّي فيقول: أنا ربّكم. ولا ترون ربّكم حتّى تموتوا. وإنّه أعور. وإنّ ربّكم ليس بأعور. وإنّه مكتوب بين عينيه: كافر. يقرؤه كلّ مؤمن، كاتب أو غير كاتب.

وإنّ من فتنته أنّ معه جنّة ونارا. فناره جنّة وجنّته نار. فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ فواتح الكهف. فتكون عليه بردا وسلاما. كما كانت النّار على إبراهيم.. الحديث» ) *. «٣»

٣-* (عن أنس- رضي الله عنه-: عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون: لو استشفعنا إلى ربّنا، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو النّاس.

خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلّمك أسماء كلّ شيء، فاشفع لنا عند ربّك حتّى يريحنا من مكاننا هذا. فيقول: لست هناكم. ويذكر ذنبه فيستحي، ائتوا نوحا فإنّه أوّل رسول بعثه الله إلى أهل الأرض. فيأتونه فيقول: لست هناكم. ويذكر سؤاله ربّه ما ليس له به علم، فيستحي فيقول: ائتوا خليل الرّحمن فيأتونه، فيقول: لست هناكم. ائتوا موسى، عبدا كلّمه الله وأعطاه التّوراة، فيأتونه فيقول: لست هناكم. ويذكر قتل النّفس بغير نفس فيستحي من ربّه فيقول ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمة الله وروحه:

فيقول: لست هناكم، ائتوا محمّدا صلّى الله عليه وسلّم، عبدا غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فيأتوني، فأنطلق حتّى


(١) البخاري- الفتح ٦ (٣٣٦٤) .
(٢) خلّة: طريق ضيق بين البلدين لا يسع إلا فردا واحدا أو فردين.
(٣) أخرجه البخاري مقطعا برقم (٧١٢٢- ٧١٣٣) و (٧١٣٢- ٧١٣٤) ، ومسلم (٢٩٣٧) ، واللفظ لابن ماجة سنن ابن ماجة (٢/ ٤٠٧٧) .