للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: لتأتينّي على هذا ببيّنة. وإلّا فعلت وفعلت.

فذهب أبو موسى.

قال عمر: إن وجد بيّنة تجدوه عند المنبر عشيّة، وإن لم يجد بيّنة فلم تجدوه. فلمّا أن جاء بالعشيّ وجدوه. قال: يا أبا موسى! ما تقول؟ أقد وجدت؟

قال: نعم. أبيّ بن كعب. قال: عدل. قال: يا أبا الطّفيل ما يقول هذا؟ قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول ذلك يابن الخطّاب! فلا تكوننّ عذابا على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال: سبحان الله إنّما سمعت شيئا. فأحببت أن أتثبّت) * «١» .

٢٦-* (عن ربعيّ، قال: حدّثنا رجل من بني عامر: أنّه استأذن على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو في بيت.

فقال: ألج «٢» ؟ فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لخادمه: «اخرج إلى هذا! فعلّمه الاستئذان، فقل له: قل: السّلام عليكم، أأدخل؟» . فسمعه الرّجل. فقال: السّلام عليكم، أأدخل؟ فأذن له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فدخل) * «٣» .

٢٧-* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه- قال:

خرجنا من قومنا غفار. وكانوا يحلّون الشّهر الحرام.

فخرجت أنا وأخي أنيس وأمّنا. فنزلنا على خال لنا.

فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا. فحسدنا قومه، فقالوا:

إنّك إذا خرجت عن أهلك خالف إليهم أنيس. فجاء خالنا فنثا «٤» علينا الّذي قيل له. فقلت: أمّا ما مضى من معروفك فقد كدّرته، ولا جماع لك فيما بعد فقرّبنا صرمتنا «٥» . فاحتملنا عليها. وتغطّى خالنا ثوبه فجعل يبكي. فانطلقنا حتّى نزلنا بحضرة مكّة.

فنافر «٦» أنيس عن صرمتنا وعن مثلها «٧» . فأتيا الكاهن. فخيّر أنيسا. فأتانا أنيس بصرمتنا ومثلها معها. قال: وقد صلّيت، يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بثلاث سنين. قلت: لمن؟ قال: للهّ.

قلت: فأين توجّه «٨» ؟ قال: أتوجّه حيث يوجّهني ربّي. أصلّي عشاء حتّى إذا كان من آخر اللّيل ألقيت كأنّي خفاء «٩» . حتّى تعلوني الشّمس. فقال أنيس:

إنّ لي حاجة بمكّة فاكفني. فانطلق أنيس حتّى أتى مكّة. فراث عليّ «١٠» . ثمّ جاء فقلت: ما صنعت؟

قال: لقيت رجلا بمكّة على دينك. يزعم أنّ الله أرسله. قلت: فما يقول النّاس؟ قال: يقولون:


(١) البخاري- الفتح ١١ (٦٢٤٥) ، مسلم (٢١٥٤) واللفظ له.
(٢) الولوج: الدخول. وقد ولج يلج.
(٣) أبو داود (٥١٧٧) وقال الألباني في صحيح أبي داود (٣/ ٩٧٣) : صحيح وهو في الصحيحة (٨١٨) .
(٤) فنثا: أي أشاعه وأفشاه.
(٥) صرمتنا: الصرمة هي القطعة من الإبل. وتطلق على القطعة من الغنم.
(٦) فنافر: قال أبو عبيد وغيره في شرح هذا: المنافرة المفاخرة والمحاكمة، فيفخر كل واحد من الرجلين على الآخر، ثم يتحاكمان إلى رجل ليحكم أيهما خير وأعز نفرا. وكانت هذه المفاخرة في الشعر أيهما أشعر.
(٧) عن صرمتنا وعن مثلها: معناه تراهن هو وآخر أيهما أفضل. وكان الرهن صرمة ذا وصرمة ذاك. فأيهما كان أفضل أخذ الصّرمتين. فتحاكما إلى الكاهن. فحكم بأن أنيسا أفضل. وهو معنى قوله فخيّر أنيسا. أي جعله الخيار والأفضل.
(٨) توجّه أي تتوجه في صلاتك.
(٩) خفاء: هو الكساء. وجمعه أخفية. ككساء وأكسية.
(١٠) فراث علي: أي أبطأ.