للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجالسنا. وارجع إلى رحلك «١» . فمن جاءك منّا فاقصص عليه. فقال عبد الله بن رواحة: اغشنا في مجالسنا. فإنّا نحبّ ذلك. قال: فاستبّ المسلمون والمشركون واليهود. حتّى همّوا أن يتواثبوا. فلم يزل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يخفّضهم «٢» . ثمّ ركب دابّته حتّى دخل على سعد بن عبادة فقال: «أي سعد ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب؟ (يريد عبد الله بن أبيّ) قال كذا وكذا» قال: اعف عنه يا رسول الله واصفح. فو الله لقد أعطاك الله الّذي أعطاك، ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة «٣» أن يتوّجوه، فيعصّبوه بالعصابة «٤» . فلمّا ردّ الله ذلك بالحقّ الّذي أعطاكه، شرق بذلك»

. فذلك فعل به ما رأيت. فعفا عنه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم) * «٦» .

٥٥-* (عن غالب، قال: إنّا لجلوس بباب الحسن، إذ جاء رجل فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، قال: بعثني أبي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: ائته، فأقرئه السّلام، قال: فأتيته فقلت: إنّ أبي يقرئك السّلام، فقال: «عليك وعلى أبيك السّلام» ) * «٧» .

٥٦-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: «بعثني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حاجة له، فانطلقت، ثمّ رجعت وقد قضيتها، فأتيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فسلّمت عليه فلم يردّ عليّ، فوقع في قلبي ما الله أعلم به، فقلت في نفسي: لعلّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجد عليّ أنّي أبطأت عليه. ثمّ سلّمت عليه فلم يردّ عليّ، فوقع في قلبي أشدّ من المرّة الأولى. ثمّ سلّمت عليه، فردّ عليّ فقال: «إنّما منعني أن أردّ عليك أنّي كنت أصلّي» وكان على راحلته متوجّها إلى غير القبلة) * «٨» .

٥٧-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال: بني على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بزينب بنت جحش بخبز ولحم، فأرسلت على الطّعام داعيا، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون ثمّ يجيء قوم فيأكلون ويخرجون، فدعوت حتّى ما أجد أحدا أدعوه، فقلت: يا نبيّ الله ما أجد أحدا أدعوه، فقال: فارفعوا طعامكم. وبقي ثلاثة رهط يتحدّثون في البيت، فخرج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فانطلق إلى حجرة عائشة فقال: السّلام عليكم أهل البيت ورحمة الله، فقالت: وعليك السّلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك، بارك الله لك. فتقرّى «٩» حجر نسائه كلّهنّ، يقول

لهنّ كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة. ثمّ رجع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فإذا ثلاثة من رهط في البيت يتحدّثون- وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شديد الحياء- فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة، فما أدري


(١) إلى رحلك: أي إلى منزلك.
(٢) يخفضهم: أي يسكنهم ويسهل الأمر بينهم.
(٣) البحيرة: بضم الباء، على التصغير. قال القاضي: وروينا في غير مسلم: البحيرة، مكبرة، وكلاهما بمعنى وأصلها القرية. والمراد بها، هنا، مدينة النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٤) فيعصبوه بالعصابة: معناه اتفقوا على أن يعينوه ملكهم. وكان من عادتهم، إذا ملكوا إنسانا، أن يتوجوه ويعصبوه.
(٥) شرق بذلك: أي غصّ. ومعناه حسد النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٦) البخاري- الفتح ٨ (٤٥٦٦) ، مسلم (١٧٩٨) واللفظ له.
(٧) أبو داود (٥٢٣١) واللفظ له، وقال الألباني (٣/ ٩٨٢) : حسن.
(٨) البخاري- الفتح ٣ (١٢١٧) واللفظ له، مسلم (١/ ٤٥٠) .
(٩) فتقرى: فتتبع.