للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبا اليسر «١» ، صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ومعه غلام له معه ضمامة من صحف «٢» وعلى أبي اليسر بردة «٣» ومعافريّ «٤» ، وعلى غلامه بردة ومعافريّ، فقال له أبي: يا عمّ، إنّي أرى في وجهك سفعة من غضب «٥» .

قال: أجل. كان لي على فلان ابن فلان الحراميّ مال.

فأتيت أهله فسلّمت. فقلت: ثمّ هو؟ قالوا:

لا. فخرج عليّ ابن له جفر»

فقلت له: أين أبوك؟

قال: سمع صوتك فدخل أريكة أمّي «٧» . فقلت:

اخرج إليّ. فقد علمت أين أنت، فخرج. فقلت: ما حملك على أن اختبأت منّي؟ قال: أنا، والله أحدّثك.

ثمّ لا أكذبك، خشيت، والله أن أحدّثك فأكذبك. وأن أعدك فأخلفك. وكنت صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وكنت والله معسرا. قال: قلت: آلله! قال: آلله «٨» !. قلت:

آلله! قال: آلله. قلت: آلله! قال: آلله. قال فأتى بصحيفته فمحاها بيده. فقال: إن وجدت قضاء فاقضني، وإلّا أنت في حلّ. فأشهد، بصر عينيّ هاتين «٩» (ووضع إصبعيه على عينيه) ، وسمع أذنيّ هاتين «١٠» ، ووعاه قلبي هذا (وأشار إلى مناط قلبه «١١» ) رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يقول: «من أنظر معسرا، أو وضع عنه، أظلّه الله في ظلّه» ) * «١٢» .

١٢-* (عن أبي قتادة- رضي الله عنه- قال: خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عام حنين. فلمّا التقينا


(١) أبا اليسر: اسمه كعب بن عمرو، شهد العقبة وبدرا، وهو ابن عشرين سنة وهو آخر من توفي من أهل بدر رضي الله عنهم. توفي بالمدينة سنة خمس وخمسين.
(٢) ضمامة من صحف: بكسر الضاد المعجمة أي رزمة يضم بعضها إلى بعض، هكذا وقع في جميع نسخ مسلم ضمامة وكذا نقله القاضي وقال بعض شيوخنا: صوابه إضمامة بكسر الهمزة قبل الضاد، قال القاضي: ولا يبعد عندي صحة ما جاءت به الرواية هنا. كما قالوا: ضبارة وإضبارة لجماعة الكتب، وهي لفافة يلف فيها الشيء. هذا كلام القاضي. وذكر صاحب نهاية الغريب أن الضمامة لغة في الإضمامة. والمشهور في اللغة إضمامة بالألف.
(٣) بردة: البردة شملة مخططة. وقيل: كساء مربع فيه صغر يلبسه الأعراب. وجمعه برد.
(٤) ومعافري: نوع من الثياب يعمل بقرية اسمها معافر بفتح الميم وضمها. وقيل: هي نسبة إلى قبيلة نزلت تلك القرية. والميم فيه زائدة.
(٥) سفعة من غضب: هي بفتح السين المهملة وضمها: لغتان. أي علامة وتغير.
(٦) جفر: الجفر هو الذي قارب البلوغ. وقيل: هو الذي قوي على الأكل. وقيل: ابن خمس سنين.
(٧) أريكة أمي: قال ثعلب: هي السرير الذي في الحجلة، ولا يكون السرير المفرد، وقال الأزهري: كل ما اتكأت عليه فهو أريكة.
(٨) قلت: آلله. قال: الله: الأول بهمزة ممدودة على الاستفهام. والثاني بلا مد، والهاء فيهما مكسورة، هذا هو المشهور. قال القاضي: رويناه بكسرها وفتحها معا. قال: وأكثر أهل العربية لا يجيزون غير كسرها.
(٩) بصر عيني هاتين: هو بفتح الصاد ورفع الراء هذه رواية الأكثرين، ورواه جماعة بضم الصاد وفتح الراء، عيناي هاتان. وكلاهما صحيح ولكن الأول أولى.
(١٠) سمع أذني هاتين: بإسكان الميم ورفع العين. هذه رواية الأكثرين، ورواه جماعة سمع بكسر الميم، أذناي هاتان وكلاهما صحيح ولكن الأول أولى.
(١١) مناط قلبه: هو بفتح الميم، وفي بعض النسخ المعتمدة نياط بكسر النون، ومعناهما واحد، وهو عرق معلق بالقلب.
(١٢) مسلم (٣٠٠٦) .