للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصنع لأخرق، قلت: أرأيت إن كان أخرق أن يصنع شيئا؟ قال: يعين مغلوبا. قلت: أرأيت إن كان ضعيفا لا يستطيع أن يعين مغلوبا؟ قال: ما تريد أن يكون في صاحبك من خير؟، يمسك عن أذى النّاس، فقلت: يا رسول الله إذا فعل ذلك دخل الجنّة؟

قال: ما من مسلم يفعل خصلة من هؤلاء إلّا أخذت بيده حتّى تدخله الجنّة» ) * «١» .

١٠-* (عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما- قال: جاء أعرابيّ فقال: يا نبيّ الله علّمني عملا يدخلني الجنّة، قال: «لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة «٢» ، أعتق النّسمة، وفكّ الرّقبة» .

قال: أوليستا بواحد؟ قال: لا، إنّ عتق النّسمة أن تفرّد بعتقها، وفكّ الرّقبة أن تعين في عتقها، والمنحة الوكوف «٣» ، والفيء على ذي الرّحم «٤» الظّالم. فإن لم تطق ذلك فأطعم الجائع واسق الظّمآن وأمر بالمعروف وانه عن المنكر. فإن لم تطق ذلك فكفّ لسانك إلّا من الخير» ) * «٥» .

١١-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: خرج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في ساعة لا يخرج فيها ولا يلقاه فيها أحد، فأتاه أبو بكر فقال: ما جاء بك يا أبا بكر؟ فقال: خرجت ألقى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنظر في وجهه والتّسليم عليه، فلم يلبث أن جاء عمر، فقال:

ما جاء بك يا عمر؟ قال: الجوع يا رسول الله.

قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «وأنا قد وجدت بعض ذلك» ، فانطلقوا إلى منزل أبي الهيثم بن التّيّهان الأنصاريّ، وكان رجلا كثير النّخل والشّاء، ولم يكن له خدم فلم يجدوه، فقالوا لامرأته: أين صاحبك؟

فقالت انطلق يستعذب لنا الماء، ولم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربة يزعبها «٦» فوضعها، ثمّ جاء يلتزم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ويفدّيه بأبيه وأمّه، ثمّ انطلق بهم إلى حديقته، فبسط لهم بساطا، ثمّ انطلق إلى نخلة فجاء بقنو فوضعه. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «أفلا تنقّيت لنا من رطبه؟» فقال: يا رسول الله إنّي أردت أن تختاروا، أو قال: تخيّروا من رطبه وبسره، فأكلوا وشربوا من ذلك الماء. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هذا والّذي نفسي بيده من النّعيم الّذي تسألون عنه يوم القيامة؛ ظلّ بارد، ورطب طيّب، وماء بارد» فانطلق أبو الهيثم ليصنع لهم طعاما، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا تذبحنّ ذات درّ» . قال:

فذبح لهم عناقا أو جديا، فأتاهم بها فأكلوا. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «هل لك خادم؟» قال: لا. قال: «فإذا أتانا سبي فأتنا» فأتي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم برأسين ليس معهما ثالث فأتاه أبو الهيثم، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «اختر منهما» فقال: يا نبيّ الله اختر لي. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ المستشار مؤتمن، خذ هذا فإنّي رأيته يصلّي واستوص به


(١) المنذري في الترغيب والترهيب (٣/ ٢٣٠) ، وقال رواه الطبراني في الكبير واللفظ له ورواته ثقات. وابن حبان في صحيحه والحاكم (١/ ٦٣) وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
(٢) أعرضت المسألة: أي جئت بها عريضة أي واسعة.
(٣) المنحة الوكوف: الغزيرة اللبن الكثيرة الدر.
(٤) الفيء على ذي الرحم: الرجوع عليهم بما رد الله تعالى عليك من أموال.
(٥) أحمد في المسند (٤/ ٢٩٩) واللفظ له. والبغوي في شرح السنة (٩/ ٣٥٤) وقال محققه: إسناده صحيح. والأدب المفرد مع شرحه (١/ ١٥١) ورجاله ثقات.
(٦) يزعبها: أي يحملها مملوءة.