للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى.. قال: «فنهى أن يحمل المؤمنين بغضهم للكفّار على ألّا يعدلوا، فكيف إذا كان البغض لفاسق أو مبتدع أو متأوّل من أهل الإيمان؟ فهو أولى أن يجب عليه ألّا يحمله ذلك على ألّا يعدل على مؤمن وإن كان ظالما له» ) * «١» .

٢٢-* (قال القرطبيّ- في قوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ الآية:

في هذه الآية تشريف للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتكريم وتعظيم وتفويض إليه، وتقويم أيضا على الجادّة في الحكم، وتأنيب على ما رفع إليه من أمر بني أبيرق، وكانوا ثلاثة إخوة: بشر وبشير ومبشّر، وأسير بن عروة ابن عمّ لهم، نقبوا مشربة لرفاعة بن زيد في اللّيل، وسرقوا أدراعا له وطعاما، فعثر على ذلك.

وقيل: إنّ السّارق بشير وحده، وكان يكنى أبا طعمة، أخذ درعا، قيل: كان الدّرع في جراب فيه دقيق، فكان الدّقيق ينتثر من خرق في الجراب حتّى انتهى إلى داره، فجاء ابن أخي رفاعة واسمه قتادة بن النّعمان يشكوهم إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فجاء أسير بن عروة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، إنّ هؤلاء عمدوا إلى أهل بيت هم أهل صلاح ودين فأنّبوهم بالسّرقة ورموهم بها من غير بيّنة، وجعل يجادل عنهم حتّى غضب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على قتادة ورفاعة، فأنزل الله تعالى وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ

الآية، وأنزل الله تعالى: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً

. وكان البريء الّذي رموه بالسّرقة لبيد بن سهل. وقيل: زيد بن السّمين، وقيل: رجل من الأنصار) * «٢» .

٢٣-* (وقال القرطبيّ في قوله تعالى: وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً نهى الله- عزّ وجلّ- رسوله عن عضد أهل التّهم والدّفاع عنهم بما يقوله خصمهم من الحجّة. وفي هذا دليل على أنّ النّيابة عن المبطل والمتّهم في الخصومة لا تجوز. فلا يجوز لأحد أن يخاصم عن أحد إلّا بعد أن يعلم أنّه محقّ) * «٣» .

٢٤-* (قال ابن كثير في قوله تعالى: ... وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ... أي: لا يحملنّكم بغض قوم على ترك العدل، فإنّ العدل واجب على كلّ أحد، في كلّ حال، وقد قال بعض السّلف: ما عاملت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه) * «٤» .

٢٥-* (قال أبو عبيدة والفرّاء، في قوله تعالى:

وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا.. (المائدة/ ٢) أي: لا يكسبنّكم بغض قوم أن تعتدوا الحقّ إلى الباطل، والعدل إلى الظّلم) * «٥» .

٢٦-* (قال القرطبيّ في قوله تعالى: قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها


(١) الاستقامة (١/ ٣٨) تحقيق د/ محمد رشاد سالم.
(٢) تفسير القرطبي (٥/ ٣٧٥، ٣٧٦) .
(٣) المرجع السابق (٥/ ٣٧٧) .
(٤) تفسير ابن كثير (٢/ ٧) .
(٥) تفسير القرطبي (٦/ ٤٥) .