للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحت قدميّ قال: ثمّ دعا بكتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقرأه.

فإذا فيه: «بسم الله الرّحمن الرّحيم. من محمّد رسول الله إلى هرقل عظيم الرّوم، سلام على من اتّبع الهدى، أمّا بعد فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرّتين، وإن تولّيت فإنّ عليك إثم الأريسيّين «١» قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (آل عمران/ ٦٤) » فلمّا فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللّغط. وأمر بنا فأخرجنا. قال: فقلت لأصحابي حين خرجنا: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة «٢» إنّه ليخافه ملك بني الأصفر «٣» .

قال: فما زلت موقنا بأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه سيظهر، حتّى أدخل الله عليّ الإسلام» ) * «٤» .

٢٣-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الإيمان بضع وستّون شعبة والحياء شعبة من الإيمان» ) * «٥» .

٢٤-* (عن معاوية بن الحكم السّلميّ- رضي الله عنه- قال: بينا أنا أصلّي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ عطس رجل من القوم. فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم «٦» . فقلت: واثكل أمّياه «٧» . ما شأنكم؟ تنظرون إليّ. فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم. فلمّا رأيتهم يصمّتونني. لكنّي سكتّ. فلمّا صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فبأبي هو وأمّي ما رأيت معلّما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه. فو الله ما كهرني «٨» ولا ضربني ولا شتمني. قال: «إنّ هذه الصّلاة لا يصلح فيها شيء من كلام النّاس. إنّما هو التّسبيح والتّكبير وقراءة القرآن» .

أو كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قلت: يا رسول الله، إنّي حديث عهد بجاهليّة. وقد جاء الله بالإسلام. وإنّ منّا رجالا يأتون الكهّان. قال: «فلا تأتهم» قال: ومنّا رجال يتطيّرون «٩» . قال: «ذاك شيء يجدونه في صدورهم. فلا يصدّنّهم» . قال: قلت: ومنّا


(١) الأريسيين: هو جمع أريس قال ابن سيده: الأريس هو الأكار أي الفلاح عند ثعلب، وعند قراعة هو الأمير، وقال الجوهري لغة شامية، وأنكر ابن فارس أن تكون عربية: والمعنى أنهم المزارعون في المملكة وهم الضعفاء المأمورون والأصاغر أتباع الأكابر، ولذا يكون عليه وزرهم إذا لم يسلموا تقليدا له.
(٢) لقد أمر أمر ابن أبي كبشة: أما أمر فبفتح الهمزة وكسر الميم، أي عظم. وأما قوله: ابن أبي كبشة، فقيل: هو رجل من خزاعة كان يعبد الشعرى، ولم يوافقه أحد من العرب في عبادتها. فشبهوا النبي صلّى الله عليه وسلّم به لمخالفته إياهم في دينهم، كما خالفهم أبو كبشة.
(٣) بني الأصفر: بنو الأصفر هم الروم.
(٤) البخاري- الفتح ١ (٦) . مسلم (١٧٧٣) واللفظ له.
(٥) البخاري- الفتح ١ (٩) ، مسلم ١ (٥٧) وعند مسلم بلفظ آخر هو: «الايمان بضع وسبعون شعبة» .
(٦) رماني القوم بأبصارهم، أي نظرو إليّ حديدا كما يرمي بالسهم، زجرا بالبصر من غير كلام.
(٧) واثكل أمياه: بضم الثاء وإسكان الكاف، وبفتحهما جميعا، لغتان كالبخل والبخل، حكاهما الجوهري وغيره. وهو فقدان المرأة ولدها، أي وافقد أمي إياي فإني هلكت.
(٨) كهرني: نهرني.
(٩) يتطيرون: من التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغيرها، وكان ذلك بغرض التشاؤم والتفاؤل وقد حرمه الإسلام لأنه يصدّ عن المقاصد ولأنه ليس له تأثير في جلب نفع أو دفع ضر (النهاية ٣/ ١٥٢) .