للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجال يخطّون. قال: «كان نبيّ من الأنبياء يخطّ.

فمن وافق خطّه فذاك «١» » قال: وكانت جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوّانيّة «٢» . فاطّلعت ذات يوم فإذا الذّيب قد ذهب بشاة من غنمها. وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون لكنّي صككتها «٣» صكّة.

فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فعظّم ذلك عليّ. قلت: يا رسول الله أفلا أعتقها قال «ائتني بها» فأتيته بها. فقال لها «أين الله؟» قالت: في السّماء. قال: «من أنا؟» قالت:

أنت رسول الله. قال: «أعتقها، فإنّها مؤمنة» ) * «٤» .

٢٥-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: بينما نحن جلوس مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في المسجد.

دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد. ثمّ عقله ثمّ قال لهم: أيّكم محمّد؟ والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم متّكى بين ظهرانيهم فقلنا: هذا الرّجل الأبيض المتّكئ. فقال له الرّجل: يا ابن عبد المطّلب، فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

«قد أجبتك» . فقال الرّجل للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: إنّي سائلك فمشدّد عليك في المسألة فلا تجد عليّ في نفسك «٥» .

فقال: «سل عمّا بدا لك» . فقال: أسألك بربّك وربّ من قبلك، الله أرسلك إلى النّاس كلّهم؟

فقال: «اللهمّ نعم» . قال: أنشدك بالله، الله أمرك أن نصلّي الصّلوات الخمس في اليوم واللّيلة؟ قال:

«اللهمّ نعم» . قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن نصوم هذا الشّهر من السّنة؟ قال: «اللهمّ نعم» . قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن تأخذ هذه الصّدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «اللهمّ نعم» فقال الرّجل: آمنت بما جئت به. وأنا رسول من ورائي من قومي. وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر) * «٦» .

٢٦-* (عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- قال: بينما نحن عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم. إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثّياب. شديد سواد الشّعر، لا يرى عليه أثر السّفر. ولا يعرفه منّا أحد، حتّى جلس إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفّيه على فخذيه، وقال: يا محمّد أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلا» . قال: صدقت. قال فعجبنا له يسأله ويصدّقه. قال: فأخبرني عن الإيمان. قال:

«أن تؤمن بالله» ، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الاخر، وتؤمن بالقدر خيره وشرّه» ، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: «أن تعبد الله


(١) ظاهر معناه الخط في الرمل وقال النووي في ذلك: الصحيح أن معناه: من وافق خطه فهو مباح، ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا يباح، والمقصود أنه حرام لا يباح إلا بيقين الموافقة، وليس لنا يقين بها.
(٢) الجوانية: مكان شمال المدينة قرب أحد.
(٣) صككتها: لطمتها.
(٤) مسلم ١ (٥٣٧) .
(٥) فلا تجد علي في نفسك: أي لا تغضب مني أو من سؤالي (النهاية ٥/ ١٥٥) .
(٦) البخاري الفتح ١ (٦٣) . مسلم (٨٦٨) من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- بلفظ مختلف.