للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: «فصم شهرين متتابعين» . قال: لا أستطيع.

قال: «فأطعم ستّين مسكينا» . قال: لا أجد. فأتي بعرق «١» فيه تمر. فقال: «أين السّائل؟ تصدّق بها» .

قال: على أفقر منّي؟ والله ما بين لابتيها «٢» أهل بيت أفقر منّا. فضحك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتّى بدت نواجذه، قال: «فأنتم إذا» ) * «٣» .

١٤-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- أنّه قال: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا لأن أكون صاحبه أحبّ إليّ ممّا عدل به. أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهو يدعو على المشركين فقال: لا نقول كما قال قوم موسى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا ولكنّا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك فرأيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أشرق وجهه وسرّه (يعني قوله)) * «٤» .

١٥-* (عن سعد بن أبي وقّاص- رضي الله عنه- قال: استأذن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرنه عالية أصواتهنّ على صوت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا استأذن عمر تبادرن الحجاب، فأذن له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فدخل والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يضحك، فقال أضحك الله سنّك يا رسول الله، بأبي أنت وأمّي. فقال: «عجبت من هؤلاء اللّاتي كنّ عندي، لمّا سمعن صوتك تبادرن الحجاب» . فقال: أنت أحقّ أن يهبن يا رسول الله. ثمّ أقبل عليهنّ فقال: يا عدوّات أنفسهنّ، أتهبنني ولم تهبن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقلن: إنّك أفظّ وأغلظ من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إيه يا ابن الخطّاب، والّذي نفسي بيده ما لقيك الشّيطان سالكا فجّا «٥» إلّا سلك فجّا غير فجّك» ) * «٦» .

١٦-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أنّه قال: كان أبو بكر يصلّي لهم في وجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الّذي توفّي فيه حتّى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصّلاة كشف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ستر الحجرة فنظر إلينا وهو قائم كأنّ وجهه ورقة مصحف ثمّ تبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ضاحكا. قال فبهتنا ونحن في الصّلاة من فرح بخروج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصّفّ. وظنّ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خارج للصّلاة فأشار إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده أن أتمّوا صلاتكم قال: ثمّ دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأرخى السّتر. قال فتوفّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من يومه ذلك) * «٧» .

١٧-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أجود البشر فما هو إلّا أن


(١) عرق: هو المكتل ويقال إنه يسع خمسة عشر صاعا والصاع خمسة أرطال وثلث كما هو رأي الشافعي أو ثمانية كما هو قول أبي حنيفة.
(٢) لابتيها: اللابة: الأرض ذات الحجارة السود.
(٣) البخاري- الفتح ١٠ (٦٠٨٧) ، ومسلم (١١١١) .
(٤) البخاري- الفتح ٧ (٣٩٥٢) .
(٥) فجا: الفجّ الطريق الواسع.
(٦) البخاري- الفتح ١٠ (٦٠٨٥)
(٧) البخاري- الفتح ٢ (٦٧٩) . ومسلم (٤١٩) واللفظ له.