للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدخل شهر رمضان فيدارسه «١» جبريل صلّى الله عليه وسلّم فلهو أجود من الرّيح) * «٢» .

١٨-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: كنت أمشي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعليه برد نجرانيّ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيّ فجبذ بردائه جبذة شديدة، قال أنس فنظرت إلى صفحة عاتق النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقد أثّرت فيها حاشية الرّداء من شدّة جبذته، ثمّ قال:

يا محمّد، مر لي من مال الله الّذي عندك. فالتفت إليه فضحك، ثمّ أمر له بعطاء) * «٣» .

١٩-* (عن عائشة- رضي الله عنها- أنّ رفاعة القرظيّ طلّق امرأته فبتّ طلاقها «٤» ، فتزوّجها بعده عبد الرّحمن بن الزّبير، فجاءت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقالت: يا رسول الله إنّها كانت عند رفاعة فطلّقها ثلاث تطليقات، فتزوّجها بعده عبد الرّحمن بن الزّبير، وإنّه والله ما معه يا رسول الله إلّا مثل هذه الهدبة- لهدبة أخذتها من جلبابها- قال وأبو بكر جالس عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وابن سعيد بن العاص جالس بباب الحجرة ليؤذن له، فطفق «٥» خالد ينادي أبا بكر، يا أبا بكر ألا تزجر هذه عمّا تجهر به عند رسول الله؟ وما يزيد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على التّبسّم، ثمّ قال: «لعلّك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتّى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» ) * «٦» .

٢٠-* (عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- قال: لمّا اعتزل نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم نساءه قال:

دخلت المسجد. فإذا النّاس ينكتون «٧» بالحصى ويقولون: طلّق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نساءه ... إلى أن قال:

ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب. فقلت يا رسول الله! ما يشقّ عليك من شأن النّساء؟ فإن كنت طلّقتهنّ؛ فإنّ الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك.

وقلّما تكلّمت، وأحمد الله بكلام إلّا رجوت أن يكون الله يصدّق قولي الّذي أقول. ونزلت هذه الاية: آية التّخيير: عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ (التحريم/ ٥) وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (التحريم/ ٤) وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فقلت:

يا رسول الله، أطلّقتهنّ؟ قال «لا» قلت: يا رسول الله، إنّي دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى يقولون: طلّق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نساءه. أفأنزل فأخبرهم أنّك لم تطلّقهنّ؟ قال: «نعم. إن شئت» فلم أزل أحدّثه حتّى تحسّر «٨» الغضب عن وجهه.


(١) يدارسه: يذاكره ويقارئه.
(٢) أحمد (١/ ٣٦٦- ٣٦٧) رقم (٣٤٦٩) . وقال أحمد شاكر (٥/ ١٥٧) : إسناده صحيح. وأصل الحديث في الصحيحين.
(٣) البخاري- الفتح ١٠ (٦٠٨٨) . ومسلم (١٠٥٧) .
(٤) فبت طلاقها: طلقها من غير رجعة.
(٥) فطفق: فأنشأ.
(٦) البخاري- الفتح ١٠ (٦٠٨٤) .
(٧) ينكتون بالحصى: يضربون به الأرض كفعل المهموم المتفكر.
(٨) تحسّر: انكشف وزال.