للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لبست فأبليت أو تصدّقت فأمضيت» ) * «١» .

٤٣-* (عن سعد بن أبي وقّاص- رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله أوصني. قال: «عليك بالإياس ممّا في أيدي النّاس وإيّاك والطّمع؛ فإنّه الفقر الحاضر، وصلّ صلاتك وأنت مودّع، وإيّاك وما تعتذر منه» ) * «٢» .

٤٤-* (عن أسماء- رضي الله عنها- قالت:

خسفت الشّمس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فدخلت على عائشة وهي تصلّي. فقلت: ما شأن النّاس يصلّون؟ فأشارت برأسها إلى السّماء. فقلت: آية؟

قالت: نعم. فأطال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم القيام جدّا، حتّى تجلّاني الغشي «٣» . فأخذت قربة من ماء إلى جنبى، فجعلت أصبّ على رأسي أو على وجهي من الماء، قالت: فانصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد تجلّت الشّمس، فخطب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم النّاس. فحمد الله وأثنى عليه.

ثمّ قال: «أمّا بعد، ما من شيء لم أكن رأيته إلّا قد رأيته في مقامي هذا، حتّى الجنّة والنّار، وإنّه قد أوحي إليّ أنّكم تفتنون في القبور قريبا أو مثل فتنة المسيح الدّجّال (لا أدري أيّ ذلك قالت أسماء) فيؤتى أحدكم فيقال: ما علمك بهذا الرّجل؟ فأمّا المؤمن أو الموقن (لا أدري أيّ ذلك قالت أسماء) فيقول: هو محمّد، هو رسول الله، جاءنا بالبيّنات والهدى، فأجبنا وأطعنا- ثلاث مرار- فيقال له: نم قد كنّا نعلم أنّك لتؤمن به. فنم صالحا. وأمّا المنافق أو المرتاب (لا أدري أيّ ذلك قالت أسماء) فيقول: لا أدري، سمعت النّاس يقولون شيئا فقلت) * «٤» .

٤٥-* (عن ابن مسعود- رضي الله عنه- قال: خطّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم خطّا مربّعا، وخطّ خطّا في الوسط خارجا منه، وخطّ خطوطا صغارا إلى هذا الّذي في الوسط، من جانبه الّذي في الوسط فقال: «هذا الإنسان وهذا أجله محيط به أو قد أحاط به، وهذا الّذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصّغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا» ) * «٥» .

٤٦-* (عن أمّ سلمة- رضي الله عنها- قالت: دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أبي سلمة وقد شقّ بصره «٦» فأغمضه. ثمّ قال: «إنّ الرّوح إذا قبض تبعه البصر «٧» فضجّ ناس من أهله. فقال: لا تدعوا على


(١) مسلم (٢٩٥٨) .
(٢) المنذري في الترغيب (٤/ ٢٤٧) وقال: رواه الحاكم والبيهقي في الزهد، وقال الحاكم (٤/ ٣٢٦) واللفظ له: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
(٣) الغشي: بفتح الغين وسكون الشين. وهو الغشاوة أو ما يعرف الان بالإغماء. ولهذا جعلت تصب عليها الماء- وتجلاني الغشي: أصبت به.
(٤) مسلم (٩٠٥) .
(٥) البخاري- الفتح ١١ (٦٤١٧) . والمنذري في الترغيب (٤/ ٢٤٤) وهذا لفظ المنذري.
(٦) وقد شق بصره: بفتح الشين، ورفع بصره. هكذا ضبطناه وهو المشهور. وضبطه بعضهم: بصره، بالنصب وهو صحيح أيضا. والشين مفتوحة، بلا خلاف. قال القاضي: قال صاحب الأفعال: يقال: شق بصر الميت، وشق الميت بصره، ومعناه شخص، كما في الرواية الأخرى. وقال ابن السكيت في الأصح، والجوهري، حكاية عن ابن السكيت: يقال: شق بصر الميت، ولا تقل شق الميت بصره، هو الذي حضره الموت وصار ينظر إلى الشيء لا يرتد إليه طرفه.
(٧) إن الروح إذا قبض تبعه البصر: معناه: إذا خرج الروح من الجسد، يتبعه البصر ناظرا أين يذهب. وفي الروح لغتان: التذكير والتأنيث. وهذا الحديث دليل للتذكير. وفيه دليل أن الروح أجسام لطيفة متخللة في البدن، وتذهب الحياة من الجسد بذهابها.