للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسئول أن يجعلنا ممّن يبادر الفوت، ويراقب الموت ويتأهّب للرّحلة قبل الممات، وينتفع بما سمع من العظات بمنّه وكرمه» ) * «١» .

١٦-* (قال عديّ بن الرّعلاء:

ليس من مات فاستراح بميت ... إنّما الميت ميّت الأحياء

إنّما الميت من يعيش شقيّا ... كاسفا باله قليل الرّجاء

فأناس يمصّصون ثمادا «٢» ... وأناس حلوقهم في الماء) *

«٣» .

١٧-* (لمّا انصرف النّاس من جنازة داود الطّائيّ- رحمه الله-، أنشد ابن السّمّاك- رحمه الله-:

انصرف النّاس إلى دورهم ... وغودر الميّت في رمسه

مرتهن النّفس بأعماله ... لا يرتجي الإطلاق من حبسه

لنفسه صالح أعماله ... وما سواها فعلى نفسه) *

«٤»

١٨-* (قال الشاعر:

قف بالمقابر وانظر إن وقفت بها ... لله درّك ماذا تستر الحفر؟

ففيهم لك يا مغرور موعظة ... وفيهم لك يا مغترّ معتبر) *

«٥» .

١٩-* (أنشد أبو جعفر القرشيّ:

تناجيك أجداث وهنّ سكوت ... وساكنها تحت التّراب خفوت

أيا جامع الدّنيا لغير بلاغه ... لم تجمع الدّنيا وأنت تموت؟) *

«٦» .

٢٠-* (عن الفضل بن مهلهل أخي الفضل وكان من العابدين قال: «كان جليس لنا حسن التّخشّع والعبادة يقال له: مجيب، وكان من أجمل الرّجال فصلّى حتّى انقطع عن القيام، وصام حتّى اسودّ، ثمّ مرض فمات، وكان محمّد بن النّضر الحارثيّ له صديقا ومات محمّد قبله قال: فرأيت محمّدا في منامي بعد موت مجيب فقلت: ما فعل أخوك مجيب قال لحق بعمله قلت: فكيف وجهه ذاك الحسن؟

قال: أبلاه والله التّراب. قال: وقلت: كيف وأنت تقول لحق بعمله؟ قال: يا أخي علمت أنّ الأجساد في القبور تبلى وأنّ الأعمال في الاخرة تحيا. قلت: يبلون حتّى لا يبقى منهم شيء ثمّ يجيئون يوم القيامة، إي والله يا أخي يبلون حتّى يصيروا رفاتا ثمّ يحيون عند الصّيحة، وأنشد بعضهم:

ما حال من سكن الثّرى ما حاله؟ ... أمسى وقد رثّت هناك حباله

أمسى ولا روح الحياة تصيبه ... أبدا ولا لطف الحبيب يناله


(١) مقدمة أهوال القبور (٤) .
(٢) الثّماد: الماء القليل.
(٣) لسان العرب (٢/ ٩١) .
(٤) يتبع الميت ثلاث لابن رجب (٢٨) ، وفي أهوال القبور (١٤٢) ، والبحور الزاخرة (١/ ٣٤٣) .
(٥) أهوال القبور (١٥٧) .
(٦) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.